نيجيرفان بارزاني سيبقى نيجيرفان بارزاني مدير الأزمة وقائد الصراع

خاص لموقع hiwar:د هوشيار مظفر علي امين:نيجيرفان بارزاني قائد عراقي اسمه صار معادلاً لمفهوم القيادة المتوازنة وسط العواصف، ولنهج يعتمد الحكمة لا الانفعال، والمرونة لا التصلب. الرسالة التي تلقاها من وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو امس لم تكن مجاملة دبلوماسية، بل كانت اعترافاً دولياً بدور رجل يقود الملفات الصعبة في زمن معقد.

نوفمبر 10, 2025 - 22:37
نيجيرفان بارزاني سيبقى نيجيرفان بارزاني مدير الأزمة وقائد الصراع

الولايات المتحدة، وهي اللاعب الأهم في الشرق الأوسط، ربطت استقرار المنطقة بشراكتها مع إقليم كوردستان. وعندما يصف روبيو هذه الشراكة بأنها “أساس للاستقرار والتقدم”، فهو عملياً يشير إلى نيجيرفان بارزاني نفسه، لأنه هو من صاغ هذه الشراكة على أرض الواقع، وأبقاها فاعلة رغم تغير الإدارات في واشنطن وبغداد وأنقرة.

إعادة فتح خط أنابيب تصدير نفط كوردستان عبر تركيا لم تكن خطوة فنية أو اقتصادية فقط. كانت خطوة سياسية دقيقة أعادت ضبط ميزان العلاقات بين أربيل وبغداد، وفتحت منفذاً حيوياً للبلد كله في وقت يحتاج فيه العراق إلى موارده أكثر من أي وقت مضى. تلك الخطوة كانت رسالة أن كوردستان لا تساوم على شراكتها في الدولة العراقية، لكنها تعرف كيف تحمي مصالحها بالاتفاق لا بالتصعيد.

نيجيرفان بارزاني تعامل مع ملف النفط كمن يدير أزمة داخل أزمة. لم يدخل المواجهة ببيانات نارية، بل جلس إلى طاولة التفاوض، فاكتسب احترام الأطراف. هذه القدرة على الجمع بين الهدوء والنتائج هي ما جعلته “مدير الأزمة” بامتياز.

في المقابل، لم يغفل البعد الإقليمي. واشنطن أشادت بدوره في تسهيل الحوار بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وهو ملف شديد الحساسية، لا يقترب منه إلا من يمتلك شرعية الثقة من الطرفين. بارزاني يعرف أن أمن كوردستان لا ينفصل عن استقرار تركيا وسوريا والعراق، لذلك يشتغل بصمت على بناء جسور، لا على رفع الأسوار.

مارك روبيو تحدث عن “روح المسؤولية والحكمة” في رسالته. هذه العبارة تختصر منهج نيجيرفان السياسي منذ توليه رئاسة الإقليم. فهو يدير ملفات داخلية متشابكة بين الأحزاب والقوى الكوردية، ويوازن بين مصالح بغداد وأربيل، ويُبقي الباب مفتوحاً أمام الجوار من دون أن يفرّط بالسيادة

الولايات المتحدة لا تُشيد إلا بمن يحقق توازناً نادراً في المعادلة الإقليمية. وهي تعرف أن نيجيرفان بارزاني ليس مجرد سياسي محلي، بل شريك استراتيجي يفكر بعقل الدولة لا بعقل الحزب. لذلك جاءت رسالة روبيو لتؤكد أن واشنطن ترى في أربيل مركز ثقل لا يمكن تجاوزه في أي تسوية مقبلة.

اقتصادياً، يواصل بارزاني ربط كوردستان بالعالم، لا عبر النفط فقط، بل عبر الاستثمار والتعليم والطاقة النظيفة. يدرك أن الاقتصاد هو السلاح الحقيقي للاستقلالية السياسية، وأن قوة الإقليم في تنوع موارده لا في صراعاته.

من يتابع مشهد المنطقة يرى أن نيجيرفان بارزاني يمارس دور “قائد الصراع” من موقع الوسيط، لا المحارب. يدير التناقضات بمهارة الدبلوماسي وخبرة رجل الدولة. كل خطوة محسوبة. كل كلمة تخرج منه بميزان.

وحين يصفه الأميركيون بأنه “رمز الشراكة ووحدة الصف”، فهم يعترفون ضمناً بأن هذا الرجل يمسك بخيوط توازن إقليمي لم تعد بغداد أو أنقرة قادرتين على رسمه وحدهما.

اليوم، في ظل التحديات الداخلية العراقية، من ملفات النفط إلى إدارة الحدود، ومن تنامي نفوذ الفصائل إلى ضبابية العلاقة بين المركز والإقليم، يظل نيجيرفان بارزاني يمثل الصوت الهادئ في وسط الضجيج. لا يرفع الشعارات، بل يحقق النتائج. لا يعلن الانتصارات، بل يصنعها.

سيبقى نيجيرفان بارزاني كما وصفه روبيو: قائداً مسؤولاً، شريكاً موثوقاً، ومديراً للأزمات حين يعجز الآخرون عن قراءتها.

وفي معادلة الشرق الأوسط المليئة بالمتغيرات، سيبقى اسمه ثابتاً بين القلة العراقية والكردية الذين يعرفون أن السياسة ليست مواجهة، بل فن إدارة الصراع حتى يتحول إلى فرصة.