البابا في لقاء مع رؤساء الطوائف في لبنان يزرع شجرة زيتون رمزا "للمصالحة والسلام"

ديسمبر 2, 2025 - 10:32
ديسمبر 2, 2025 - 10:32
البابا في لقاء مع رؤساء الطوائف في لبنان يزرع شجرة زيتون رمزا "للمصالحة والسلام"

في خيمة في وسط بيروت، اجتمع الزعماء الروحيون للطوائف الإسلامية والمسيحية في لبنان حول البابا لاوون الرابع عشر الذي دعاهم الى أن يكونوا “بناة سلام”. 

على منصة، جلس البابا ومن حوله قادة أو ممثلو 16 طائفة إسلامية ومسيحية من بين 18 يعترف بها لبنان، ومن خلفهم شاشة ظهرت عليها صورة لشجرة زيتون. وحضر اللقاء أكثر من 300 شخص.

وقال البابا بعد أن استمع الى كلمات عدد من الزعماء الروحيين، “إن حضوركم هنا، في هذا المكان الفريد حيث تقف المآذن وأجراس الكنائس جنبا الى جنب، مرتفعة نحو السماء، يشهد على إيمان هذه الأرض الراسخ”.

وأضاف من الساحة التي شكّلت خط تماس قسم العاصمة طائفيا خلال الحرب الأهلية (1975-1990)، “أنتم مدعوون الى أن تكونوا بناة سلام، وأن تواجهوا عدم التسامح، وتتغلبوا على العنف وترفضوا الاقصاء وتنيروا الطريق نحو العدل والوئام للجميع بشهادة إيمانكم”.

وتخلّل اللقاء ترنيم مقاطع من الإنجيل والقرآن، فيما أدّت جوقة من الشبان والشابات من المسيحيين والمسلمين ترانيم مسيحية وإسلامية. 

وشرحت نايلا طبارة، رئيس مؤسسة “أديان” للحوار بين الأديان، لوكالة فرانس برس، أن هذا اللقاء الحواري “يسلط الضوء بأن لبنان بلد لديه خبرة كبيرة في الحوار واللقاء بين الطوائف. وحتى في أصعب الأوقات، بقي هذا الحوار قائما، وبقي من يعملون بالحوار واللقاء مستمرين”.

وأضافت أن البابا يريد أن يثبّت من خلال هذه الخطوة أن “التضامن العابر للانتماءات غير الموجود في أي بلد آخر” في محيط لبنان، و”من أجل أن يذكرنا بما يمكننا منحه للعالم”. 

– “يد واحدة” –

ومنذ استقلال لبنان في العام 1943، تتقاسم الطوائف الثلاث الأكبر فيه السلطات في البلاد. وإذا كان ينظر الى هذا التوزيع في مرحلة من المراحل على أنه ضامن للحريات وللتنوع، فقد أصبح اليوم متجذرا وينعكس محاصصة في الوظائف العامة، ما يتسبب غالبا بعرقلة وشلل.

إلا أن دستور لبنان ينص على حرية المعتقد وإقامة الشعائر الدينية واحترام جميع الأديان والمذاهب.

وقال رجل الدين الشيعي فؤاد خريس الذي شارك في اللقاء لفرانس برس إن زيارة البابا “تؤكد على أهمية الحوار والعيش الواحد في لبنان. الموجودون اليوم من كل الفئات والمذاهب، لنستقبل قداسته ونعيش هذه الروحية معا”.

وأضاف “لبنان قوي بأبنائه وبكل طوائفه. (…) يجب أن نكون نحن معا يدا واحدة ونحاور بعضنا بعضنا… خصوصا في ظل الوضع الصعب الذي نعاني منه في لبنان”. 

ولا يزال لبنان يعاني من تداعيات الحرب الأخيرة بين حزب الله واسرائيل وأزمة اقتصادية خانقة دفعت العديد من شبابه الى الرحيل. 

وفي محاولة لبعث الأمل، قال البابا في كلمته “في زمن يبدو فيه العيش معا حلما بعيد المنال، يبقى شعب لبنان، بدياناته المختلفة، مذكرا بقوة بأن الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المسبقة ليست لها الكلمة الأخيرة، وأن الوحدة والشّركة، والمصالحة والسلام أمر ممكن”. 

وتابع “إنها رسالة لم تتغير عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة: الشهادة للحقيقة الدائمة بأن المسيحيين والمسلمين والدروز وغيرهم كثيرين، يمكنهم أن يعيشوا معا ويبنوا معا وطنا يتحد بالاحترام والحوار”.

وقبل أن يقدم مع رجال دين آخرين على غرس شجرة زيتون في وسط الساحة التي حصل فيها اللقاء، قال “شجرة الزيتون لا تزين فقط المكان الذي نحن مجتمعون فيه اليوم، بل هي مكرمة في النصوص المقدسة في المسيحية واليهودية والاسلام، وتشكّل رمزا خالدا للمصالحة والسلام”. 

المصدر: فرنس بريس