رئاسة الإقليم في قلب المعركة السياسية: بين الاستقرار الداخلي وتمثيل الكورد

نوفمبر 9, 2025 - 09:20
رئاسة الإقليم في قلب المعركة السياسية: بين الاستقرار الداخلي وتمثيل الكورد

بقلم: أ.م.د. سيروان أنور مجيد

في ظل الاستعدادات المكثفة للانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في نوفمبر 2025، تتجلى رئاسة إقليم كوردستان كمؤسسة محورية تدير السياسة العامة للإقليم، وتعمل على موازنة الاستقرار الداخلي مع ضمان تمثيل الكورد بفعالية في العاصمة بغداد. خلال هذه الفترة الانتخابية، أثبتت الرئاسة من خلال سياساتها واستراتيجياتها الداخلية قدرتها على التعامل مع التحديات السياسية المعقدة، لتؤكد أنها ليست مجرد منصب رمزي، بل مركز قوة مؤسسي قادر على صياغة مستقبل الإقليم ضمن الدولة العراقية.

 

        ومن هنا، فإنّ الدور المؤسسي لرئاسة الإقليم تكمن في أنّها حجر الزاوية في عملية صنع القرار السياسي في كوردستان، حيث تتحول السياسات الاستراتيجية إلى خطط عملية وتوجيهات واضحة على صعيد الإدارة والحكومة. وتشمل مهام الرئاسة الرئيسية في التخطيط السياسي الاستراتيجي:من حيث متابعة العملية الانتخابية عن كثب، والتأكد من أن القوانين الانتخابية تتيح مشاركة عادلة وشاملة لكل مكونات الإقليم، بما يعكس التنوع السياسي والاجتماعي. إلى جانب أنّ التواصل المؤسسي مع بغداد والدولية قد  لعب دور الوسيط الرسمي في إيصال موقف الإقليم بشكل موحد وواضح، بعيدًا عن أي تداخل حزبي، بما يضمن حماية مصالح الإقليم على المستوى الاتحادي والدولي. ومن جانب تعزيز الاستقرار الداخلي، فهناك  تنسيق المواقف بين الأحزاب الكوردية المختلفة وتوحيدها أمام القضايا الكوردستانية الحسّاسة، لضمان مشاركة جماهيرية واسعة وفاعلة، وتجنب النزاعات السياسية التي قد تؤثر على استقرار الإقليم.

           أمّا السياسات الانتخابية لرئاسة الإقليم، فمن خلال هذه الفترة الانتخابية، اعتمدت رئاسة الإقليم سياسة المشاركة الفاعلة مع الدفع نحو الإصلاح، في موقف يعكس حرصها على أن تكون الانتخابات أكثر من مجرد حدث حزبي. تسعى الرئاسة من خلال هذه السياسة -وبتفاهم الأحزاب الكوردستانية للسياسة المتوازنة- إلى ضمان أن تكون أصوات الإقليم مسموعة وفاعلة في البرلمان العراقي، بما يتيح تمثيلًا عادلاً للكورد في صنع القرار الاتحادي. إلى جانب تعزيز قدرة الإقليم على الحفاظ على مصالحه في توزيع المناصب والميزانيات الاتحادية، بما يضمن التوازن بين بغداد وكوردستان؛ فضلاً عن توجيه العملية السياسية نحو إعادة ترسيم مواقع القوى الكوردية ضمن الدولة العراقية، بما يعكس التزام الرئاسة بالاستقرار والمصلحة الوطنية.

          وعليه، فإنّ أهمية السياسات الرئاسية تكشف التطورات الأخيرة أن رئاسة الإقليم مؤسسة ذات تأثير فعلي في توجيه السياسة العامة، وليست مجرد منصب رمزي أو احتفائي. وتعكس سياساتها مستوى الاحترافية المؤسسية والتنظيم الداخلي في إدارة الملفات السياسية الحساسة، إلى جانب الحرص على توحيد المواقف الداخلية وتقديم صورة مؤسسية موحدة أمام الحكومة الاتحادية، مما يعزز حضور الإقليم السياسي على المستويين المحلي والدولي؛ فضلاً عن القدرة على التوازن بين الاستقرار الداخلي والتمثيل الفاعل في بغداد، وهو ما يضع الرئاسة في قلب العملية السياسية الكوردية.

         أمّا المؤشرات التي يجب متابعتها، فهناك مدى قدرة رئاسة الإقليم على إدارة الضغوط الداخلية والخارجية، سواء من الأحزاب الكوردية الأخرى أو من الحكومة الاتحادية. إلى جانب قدرتها على تحويل السياسات الإصلاحية إلى نتائج ملموسة على الأرض، سواء عبر تعديل قوانين الانتخابات أو عبر تنسيق المشاركة الجماهيرية؛ فضلاً عن استمرار الرئاسة كـ قوة توجيهية محورية لضمان تمثيل الإقليم بشكل فعال؛ قصد صون مصالحه الوطنية في جميع المستويات.

وبقي أن نقول:

تثبت الأحداث الراهنة أن رئاسة إقليم كوردستان قوة مؤسسية حقيقية، وإذا عملت هكذا حسبما نقرأه في إعلام هذه الرئاسة فإنها توحي بأنها تعمل بذكاء ومهنية في إدارة السياسة العامة للإقليم، وتعكس رؤية استراتيجية واضحة للحفاظ على وحدة كوردستان وتعزيز موقعه السياسي في العراق. من خلال سياساتها المتعلقة بالانتخابات العراقية، تؤكد الرئاسة على أهميتها الحيوية في صون مصالح الإقليم داخليًا وخارجيًا، لتظل القلب النابض للسياسة الكوردية في العراق، ومؤسسة أساسية في رسم مستقبل الإقليم ضمن الدولة الاتحادية.