ترامب وكردستان: تحالف الضرورة و شراكة استراتيجية؟

خاص لموقعhiwar ومجلة ادارة الازمة/ د هوشيار مظفر علي أمين:في السياسة الدولية، لا تُبنى التحالفات على العواطف، بل على المصالح. وهذا ينطبق على العلاقة بين الولايات المتحدة وإقليم كردستان، التي تعززت خلال عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. في ولايته الاولى، وكذلك اليوم مطلع ولايته الثانية، فعلى الرغم من أن واشنطن لم تدعم استفتاء الاستقلال الكردي عام 2017، إلا أن إدارة ترامب نظرت إلى كردستان كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط، وشريك موثوق في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تعصف بالمنطقة.وجزءا من شريك يشاركها قيم التحرر والحرية.

ترامب وكردستان: تحالف الضرورة و شراكة استراتيجية؟

رسالة ترامب: موقف شخصي أم سياسة أمريكية؟

عندما بعث ترامب  امس برسالة خطية إلى السيد نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، لم يكن ذلك مجرد إجراء بروتوكولي. فترامب، المعروف بأسلوبه غير التقليدي، لا يُكثِر من الرسائل المكتوبة بخط اليد، ما يجعل رسالته إشارة ذات دلالة سياسية.

أولًا، تأكيد على أهمية كردستان في الاستراتيجية الأمريكية. فمنذ حرب الخليج الأولى، كانت كردستان نقطة ارتكاز للولايات المتحدة في العراق، لكنها اكتسبت أهمية إضافية بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث أصبحت شريكًا أساسيًا في محاربة القاعدة وداعش.

ثانيًا، تقديرٌ شخصي لنيجيرفان بارزاني. ترامب رأى في نيجيرفان بارزاني شخصية سياسية واقعية قادرة على إدارة التوازنات الدقيقة بين واشنطن، بغداد، وطهران. وتركيا، حيث أظهر نيجيرفان قدرة على العمل الذي تراقبه  واقعية سياسة الحسابات الأمريكية اليوم في ادارة ترامب.

ثالثًا، إشارة إلى التزام أمريكي طويل الأمد. رغم الانسحاب الأمريكي الجزئي من الشرق الأوسط، لا تزال واشنطن ترى في أربيل نقطة ارتكاز لمصالحها، ورسالة ترامب أكدت على استمرار هذا الالتزام.

كردستان على الساحة الدولية: قوة إقليمية رغم القيود

إقليم كردستان ليس مجرد كيان تابع للعراق، بل فاعل إقليمي يمتلك أدوات ضغط ونفوذ تتجاوز حدوده. فمنذ 2003، سعى  الكرد إلى تعزيز علاقاتهم الدولية، ليس فقط مع واشنطن، ولكن أيضًا مع أوروبا، والخليج العربي.

دور أمني: كردستان كانت لاعبًا رئيسيًا في الحرب ضد القاعدة وداعش، وحافظت على استقرارها مقارنة ببقية الجوار، ما جعلها شريكًا أمنيًا مهمًا.

دور اقتصادي: رغم الأزمات المالية، نجح الإقليم في بناء علاقات اقتصادية مع شركات غربية، خاصة في قطاع الطاقة، ما عزز موقعه في الحسابات الدولية وقاد نيجيرفان البارزاني ذلك باستراتيجية متكاملة.

دور سياسي: كردستان استثمرت في دبلوماسية مرنة، مما سمح لها بالحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن، رغم تقلب سياسات الإدارات الأمريكية خاصة ادارة بايدن السابقة .

كيف ينظر ترامب إلى نيجيرفان بارزاني؟

نيجيرفان بارزاني،  لم يتبنَّ خطابًا تصادميًا مع الولايات المتحدة. بل قدم نفسه كرجل واقعي في سياسته الداخلية والخارجية وعلاقاته الخارجية، وهو قادر على العمل الموازي لمصالح شعبه بموازاة الاستراتيجية الأمريكية، مع الحفاظ على استقلالية كردستان والعراق فهو  يمثل العراق والكرد في وقت واحد فرئيس اي اقليم يمثل اقليمه ودولة الاقليم.

واقعي ومتوازن: ترامب يفضل القادة  الواقعيين الذين يستطيعون التفاوض بمرونة، وبارزاني أثبت أنه قادر على التعامل مع بغداد وواشنطن  في وقت واحد على الاتفاق والاختلاف.

رجل يمكن الاعتماد عليه: بينما توترت علاقات ترامب مع شخصيات سياسية سياسية أخرى، ظل بارزاني شخصية يمكن لواشنطن التواصل معها دون تعقيدات.

شريك في مكافحة الإرهاب: فكردستان،  لعبت دورًا محوريًا في دعم الاستراتيجية الأمريكية ضد داعش.

حدود الاستراتيجية الأمريكية في كردستان

رغم الدعم الأمريكي، تدرك واشنطن أن دعم كردستان له حدوده. فالولايات المتحدة لا تريد صدامًا مباشرًا مع بغداد أو أنقرة بسبب القضية الكردية، ما يعني أن أي دعم لكردستان سيظل في إطار الحفاظ على التوازن الإقليمي.

وبوجود أمريكي طويل ، ولكن ليس مطلقًا: رغم التزامها بكردستان، فإن واشنطن تسعى إلى تقليل وجودها العسكري في الشرق الأوسط، 

وهكذا: فسؤال تحالف الضرورة و شراكة دائمة؟

نجد ان علاقة ترامب بكردستان ونيجيرفان البارزاني لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل انعكاسًا لتحالف استراتيجي بين الطرفين. وستظل واشنطن ترى في كردستان شريكًا مهمًا، وسط التوازنات الإقليمية لواقعية السياسة الخارجية الامريكية التي نيجيرفان بارزاني جزء واقعي بشخصه ومنظور  فيها.