في أروقة مؤتمر بغداد السابع: نيجيرفان والخطاب الاستراتيجي
خاص لموقع hiwar, طالب كاظم سعداوي:في مؤتمر بغداد الدولي السابع، قدم رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، رؤية استراتيجية تستند إلى مفهوم العراق ككيان واحد غير قابل للتجزئة، حيث يشكل الإقليم والعراق وحدة مصيرية ووجودية. ركز بارزاني على قضايا محورية مثل التنمية الاقتصادية، إدارة التنوع، والاستقرار الإقليمي، مؤكدًا على دور كردستان في صياغة مستقبل العراق ضمن سياق تكاملي، وليس تنافسي. طريق التنمية: البعد الاقتصادي للوحدة صرح بارزاني بأن “طريق التنمية خطوة تأريخية لبناء عراق أكثر ازدهاراً”، وهو تصريح يعكس دعمه لمشروع استراتيجي يهدف إلى تحويل العراق إلى مركز لوجستي وتجاري يربط الخليج بأوروبا عبر تركيا. هذا المشروع لا يحمل أبعادًا اقتصادية فحسب، بل يشكل اختبارًا عمليًا لقدرة العراق وكردستان على العمل المشترك في تنفيذ مشاريع بنية تحتية تعزز الترابط الجغرافي والاقتصادي بين مكوناته.

من زاخو إلى الفاو، يبرز المشروع كمسار ليس فقط للنقل والتجارة، ولكن أيضًا كرمز لوحدة العراق وكردستان في مواجهة التحديات الاقتصادية. دعم بارزاني العلني للمشروع يشير إلى إدراكه أن استقرار كردستان وازدهارها الاقتصادي يعتمدان على تكاملها مع العراق، وليس على العزلة.
إدارة التعددية: كردستان كنموذج للوحدة الداخلية المتعددة عراقيا
أكد بارزاني أن “تنوع المجتمع العراقي قوة وثروة”، وهي رسالة ذات أبعاد سياسية واضحة. فمنذ عام 2003، شكل التنوع العراقي بتعدديته تحديًا سياسيًا أكثر منه موردًا استراتيجيًا، حيث أفضت الانقسامات الطائفية والقومية إلى صراعات متكررة.
لكن رؤية بارزاني تعكس نهجًا مختلفًا: يرى أن نجاح كردستان في بناء نموذج إداري مستقر قائم على التعددية يمكن أن يكون أساسًا لتجربة أوسع على المستوى العراقي. وتصريحه بأن “نجاحنا في إقليم كردستان يعتمد على قدرتنا على إدارة التنوع وتعزيزالشراكة بين مختلف المكونات” ليس مجرد طرح نظري، بل هو تأكيد على أن تجربة كردستان في التعددية السياسية يمكن أن تسهم في استقرار العراق ككل.
هذا الطرح يتحدى الانقسام، ويقترح بديلًا قائمًا على الشراكة بين بغداد وأربيل، حيث لا يكون الإقليم مجرد كيان مختلف بل جزءًا من مشروع وطني أوسع يدمج التنوع بدلًا من أن يحاربه.
استقرار العراق والمنطقة: منظور جيوسياسي
أحد أبرز رسائل بارزاني كان تأكيده على أن “لا يمكن فصل استقرار العراق عن المنطقة”.هذه العبارة تحمل بعدًا يتجاوز السياسة الداخلية، حيث تشير إلى إدراك متزايد بأن العراق وكردستان لا يمكنهما تحقيق الاستقرار بمعزل عن التوازنات الإقليمية.
التوترات في المنطقة—سواء بين إيران والخليج، أو بين تركيا والقوى الكردية في سوريا والعراق—تعني أن استقرار العراق ليس مجرد مسألة داخلية، بل هو عامل مرتبط بمصالح القوى الإقليمية والدولية. من خلال دعمه لمشروع “طريق التنمية”، يسعى بارزاني إلى إعادة تموضع العراق وكردستان كلاعبين رئيسيين في معادلة التوازن الإقليمي، حيث يصبح العراق جسرًا اقتصاديًا وسياسيًا بدلًا من كونه ساحة صراع.
رؤية استراتيجية لمستقبل مشترك
خطاب نيجيرفان بارزاني في مؤتمر بغداد السابع لم يكن مجرد كلمات دبلوماسية، بل كان إعلانًا عن رؤية طويلة الأمد لمستقبل العراق وكردستان كوحدة مترابطة. من خلال تركيزه على:
نمط سياسي استشرافي استراتيجي في وقت واحد.
وبالتالي يقدم نيجيرفان بارزاني نهجًا واقعيًا لتجاوز أزمات العراق المستمرة. هذه الرؤية لا تتجاهل التحديات، والازمات والصراعات، لكنها تطرح حلولًا عملية قائمة على المصالح المشتركة، ما يجعلها نموذجًا يمكن أن يعيد تشكيل العلاقة العراقية الكردية الواحدة الموحدة وفقا لنيجيرفان بارزاني بين بغداد وأربيل في السنوات القادمة.