الرئيس نيجيرفان بارزاني وآفاق السلام والديمقراطية في الشرق الأوسط

سيروان عبدالكريم علي
سياسي أكاديمي
في 11 أبريل 2025، وصل الرئيس نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، إلى مدينة أنطاليا التركية للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي الرابع حيث نصفها بمنصة حيوية للقادة السياسيين ومناقشاتهم حول القضايا الجيوسياسية الملحة. من بين الاجتماعات البارزة مع الروؤساء وممثليهم في المنتدى كان اجتماع الرئيس بارزاني مع الرئيس السوري أحمد الشرع. وقد ركز الاجتماع على مستقبل علاقات سوريا مع العراق وإقليم كردستان، مع التأكيد على المصالح المشتركة وأهمية حسن الجوار، بالإضافة إلى استمرار الجهود لمكافحة تهديد داعش. أظهرت هذه اللقاءات كيف تمكنت تركيا وقيادتها السياسية من جمع الشخصيات السياسية المؤثرة والناشئة، مما يعكس دورها في الدبلوماسية الإقليمية.
كان الحوار بين الرئيسين بارزاني والشرع خطوة حاسمة في مواجهة التحديات المستمرة التي يواجهها الشرق الأوسط. حيث عرض الرئيس الشرع رؤيته لسوريا التي تحتضن جميع مكوناتها، مع ضمان أن يضمن الدستور حقوق كل مواطن. ومن جهته، أشاد الرئيس بارزاني برؤية الرئيس السوري، مؤكدًا على الحاجة الماسة إلى السلام والاستقرار في سوريا والشرق الاوسط. ودعا الرئيس بارزاني إلى تعزيز السبل السياسية والديمقراطية للتحديات التي تواجهها سوريا والمنطقة، وعلى الانظمة السياسية ضمان حقوق جميع المكونات، وخاصة حقوق الشعب الكردي في سوريا وتعزيز السلام الإقليمي. كما أكد الرئيس الشرع التزام سوريا بتعزيز العلاقات مع العراق وإقليم كردستان، مما يمثل لحظة محورية في الجهود المبذولة لبناء شراكات تعود بالنفع على الجانبين وتعزز الاستقرار الإقليمي.
بينما يواصل الرئيس بارزاني دوره لتحقيق السلام في الدبلوماسية الشرق أوسطية، من المهم أن ندرك مكانته الفريدة كصانع سلم. حيث كانت قيادته في إقليم كردستان دائمًا متميزة برؤيته الديمقراطية التي تقدر المصالح المشتركة وتدير الأزمات ومن أبرز اللحظات الحساسة في قيادته كان في فترة ما بعد الصراع في 1994-1998، عندما لعب دورًا مركزيًا في المصالحة بين أكبر فصيلين سياسيين كرديين — الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) والاتحاد الوطني الكردستاني (PUK). بعد أربع سنوات من سفك الدماء، قاد بارزاني جهود المصالحة والالتزام بالوحدة، مما أدى إلى تشكيل حكومة موحدة في إقليم كردستان، التي أصبحت منذ ذلك الحين نموذجًا للمصالحة السياسية في المنطقة. لقد شكلت هذه التجربة في هندسة المصالحة في مواجهة الانقسامات العنيفة نهج بارزاني في حل النزاعات على المستوى الدولي.
على مر السنين، توسعت مسؤوليات الرئيس بارزاني لتتجاوز حدود العراق، وأصبح تأثيره الدبلوماسي يُراقب عن كثب من قبل القوى الغربية، والأطراف الإقليمية، والمجتمع الدولي. إن شعوب العراق وسوريا وتركيا وإيران وفلسطين تراقب خطواته عن كثب، على أمل الحصول على مستقبل يسوده السلام والحكم الديمقراطي. التحديات التي تواجهها هذه الدول مترابطة، من النضال من أجل حقوق الكُرد إلى السعي الأوسع للاستقرار والديمقراطية في المنطقة. يقف الرئيس بارزاني كرمز للأمل للملايين الذين يتوقون إلى شرق أوسط هادئ ومزدهر.
بينما نتطلع إلى المستقبل، فإن المناقشات المستمرة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، التي تجمع القادة المؤثرين، تقدم لمحة عما قد يكون وجهة نظر جديدة للتعايش في الشرق الأوسط. يظل المنتدى تذكيرًا بأهمية الدبلوماسية في حل النزاعات الإقليمية، وإيجاد أرضية مشتركة، وإحياء العمليات الديمقراطية التي طالما تم تقويضها في المنطقة. نأمل أن تؤدي هذه الجهود إلى نهاية سفك الدماء، واستعادة الثقة بين المجتمعات، وبناء مستقبل أكثر سلامًا وديمقراطية للجميع.
في الختام، لابد من توسيع أهمية دور الرئيس نيجيرفان بارزاني في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط. لقد كان لقيادته في تعزيز الحوار، والدعوة إلى الديمقراطية، وحل النزاعات تأثير عميق في المنطقة. تراقب القوى الدولية، وخاصة القوى الغربية، خطواته عن كثب، مدركة وزن مسؤوليته في توجيه الشرق الأوسط نحو مستقبل أكثر سلمية وديمقراطية. هناك أمل في عصر جديد في الشرق الأوسط — عصر يكون فيه السلام والاستقرار والقيم الديمقراطية واقعًا يتحقق للجميع.