نيجيرفان بارزاني يكشف حقيقة ما وراء الستارة

بواسطة: هلت لاز
في ملتقى ميري، أحد أبرز الفعاليات الفكرية والسياسية في العراق وإقليم كوردستان، والذي عُقد في الثامن من تشرين الأول ٢٠٢٥ في أربيل، كان للرئيس إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني حضورٌ لافت وكلمة حملت ما هو أبعد من التصريحات الرسمية، بل كشفت عمّا وراء الستارة في المشهدين الكوردستاني والعراقي على حدّ سواء.
بهدوءه المعهود وثقته المتزنة، بدأ الرئيس بارزاني حديثه من النقطة الجوهرية التي لطالما شكّلت محور النقاشات بين أربيل وبغداد، قائلاً:" أقول هذا بكل ثقة إن إقليم كوردستان يعتقد أن عمقه الاستراتيجي هو بغداد"، بغضّ النظر عن كل المشاكل والانتقادات المتبادلة، فإن الحفاظ على هذا العمق أمر مهم وضروري. جملة اختزلت فلسفة الرئيس نيجيرفان بارزاني السياسية القائمة على الواقعية لا القطيعة، وعلى الحوار لا التصادم، ليؤكد أن مصير الإقليم لا ينفصل عن مصير العراق.
ثم انتقل الرئيس بوضوح اقتصادي لا يخلو من الرؤية المستقبلية إلى الحديث عن القطاع الخاص، الذي وصفه بمحرك التقدم لأي بلد، مشيراً إلى أن الإقليم بدأ فعلاً بالتفكير في إصدار قانون لتقاعد العاملين في هذا القطاع، وهو ما يدل على دخول كوردستان مرحلة جديدة من التنظيم الاقتصادي، بعد أن كان القطاع الخاص ضعيفاً قبل عقدين. رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني لم يُخفِ انتقاده للبيئة الاستثمارية في العراق، معتبراً أن غياب الثقة القانونية والمصرفية يمثل العقبة الكبرى أمام المستثمرين، مؤكداً أن أي إصلاح اقتصادي لا يمكن أن ينجح من دون إصلاح القضاء والنظام المصرفي، لأن المستثمر الأجنبي يبحث أولاً عن القانون الذي يحميه والثقة التي تضمن له حقوقه.
وفي حديثه عن الانتخابات المقبلة، وصفها بأنها الأهم منذ عام ٢٠٠٥، في إشارة واضحة إلى حجم التحول السياسي المنتظر ودور الناخبين في رسم ملامح المرحلة الجديدة.
أما في الشق الإقليمي والدولي، فقد تناول نيجيرفان بارزاني بارزاني موقفه من إدارة الرئيس الأمريكي ترمب، قائلاً بصراحة نادرة: “نحن نراها فرصة لإقليم كوردستان وللعراق أيضاً". وأوضح أن الإقليم يدعم سياسة ترمب من أجل السلام في الشرق الأوسط، مشدداً على عمق العلاقة بين الكورد وأمريكا والعراق، وهي علاقة قديمة تعمدت بالدماء المشتركة في الحرب ضد داعش. أشار إلى أن دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كان حاسماً في دحر الإرهاب، وأن البيشمركة خاضت المعركة بشجاعة، لكن بدعم دولي مكّن كوردستان من الصمود والانتصار.
بهذا الطرح المتزن، رسم رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني ملامح رؤية متكاملة للعراق وكوردستان في آنٍ واحد، رؤية تقوم على الاستقرار بدلاً من الصراع، والثقة بدلاً من الشك، والانفتاح بدلاً من العزلة. كشف الرئيس ما وراء الستار، ليس بالتصريحات المثيرة، بل بالكلمات التي تجمع بين الواقعية السياسية والحكمة القيادية، لتؤكد أن مستقبل العراق وكوردستان لا يُبنى بالشعارات، بل بالإيمان بالشراكة، والعمل الجاد، والإصلاح الحقيقي.