الفأل السيء، نذُر الشر في الفلكلور والأدب
خاص لموقعhiwar/ بقلم احمد العتبي:على مر التاريخ ، كان البشر مفتونين بفكرة البشائر والحالات السيئة، معتقدين أن بعض العلامات والرموز يمكن أن تنبئ بالموت أو المحنة الوشيكة. تتعمق هذه المقالة في عالم الفولكلور والأدب لاستكشاف الأهمية الثقافية وتصوير البشائر السيئة والحسنة، وتوضيح كيف استحوذت هذه الموضوعات على الخيال البشري عبر المجتمعات والعصور المختلفة.

يمكننا إذن بحسب اسم المقالة هذه، أن نفصل ما بين الفأل السيء، أو نُذر الشرور، مابين الفلكلور العالمي، والادب العالمي، والاطلاع على بعض النماذج وفق التقسيمالتالي:
1. نذير الشرور في الفولكلور العالمي: الفولكلور من مختلف الثقافات حول العالم غنيبقصص البشائر السيئة والعروض الحالية. غالبًا ما تدور هذه القصص حول أحداثخارقة للطبيعة أو رمزية يُعتقد أنها تنذر بوقوع كارثة. لنلقي نظرة على بعض الأمثلة:
أ) الغراب في الفولكلور العالمي:
في الفولكلور الأمريكي الأصلي، غالباً ما يُنظر إلى الغراب على أنه نذير الشر وسوء الحظ. وفقاً للأساطير ، فإن مظهر الغراب يدل على وصول وشيك للموت أو المأساة. يمكنالعثور على هذا الاعتقاد في قبائل أمريكا الشمالية الأصلية.
في كتاب "Birds in Legend, Fable and Folklore"، يقول كاتبه إرنست إنجرسول: "الغراب في الفولكلور العالمي يُعتبر نذيراً للشؤم والشر. إذ يرتبط في العديد منالثقافات بالأحداث السيئة والكوارث، حيث يُعتقد بأن ظهوره يُعَدُّ مؤشراً على قربوقوع المصائب. وهو رمز للموت والدمار في العديد من الثقافات".. والكتابُ مميزٌبشكلٍ كبير، ويعود تاريخ نشره للعام (1923) في الولايات الامريكية المتحدة.
وفي الغراب ايضاً يمكننا الاشارة الى نص قصيدة الغراب للكاتب "إدغار آلان بو" وهو أبوالقصة القصيرة الأمريكية، وأحد أشهر المشاهير في إنتاج قصص الادب القوطي. ومنقصيدة الغراب المنشورة عام (1845):
"في أعماق ذلك الظلام الذي يحدق،
وقفتُ هناك لفترة طويلة،
أتساءل، خائفاً..
الشك والحلم أحلام لم يجرؤ بشر على أن يحلموا بها من قبل".
ب) القطة السوداء في الفولكلور الغربي:
في الفولكلور الغربي ، غالباً ما ترتبط القطط السوداء بسوء الحظ والسحر. يُعتقد أنعبور المسارات مع قطة سوداء هو علامة أكيدة على كارثة وشيكة. تعود جذور هذهالخرافة إلى الفلكلور المصري والأوروبي القديم ، حيث كان يُنظر إلى القطط السوداءعلى أنها رفقاء السحرة أو رموز الشيطان.
من الغريب والمؤلم ما حدث في العام (1233)، حين دقّ البابا غريغوري التاسع(1145-1241) للميلاد، المسمار الأخير في نعش القطة السوداء التي صارت وقتذاك منرموز السحر الأسود، والوثنية، بطلة لقصص التلبّس الشيطاني، والساحرات، عندماأعلن أن القطط السوداء هي تجسيد للشيطان نفسه.
ج) نُذُر الشر في الأساطير اليونانية:
"إيكاروس" المشؤوم في الأساطير اليونانية..
تمثل حكاية إيكاروس من العصر الهلنستي (323-30)ق.م فألاً شريراً عندما حاول هوووالده الهروب من جزيرة كريت. قام إيكاروس متجاهلاً تحذير والده من الطيرانبالقرب من الشمس، التي قامت بإذابة جناحيه الشمعيين وهبط حتى وفاته.
هذه الحكاية التحذيرية تحذر من الغطرسة والثقة المفرطة، وترمز إلى عواقب تجاهلعلامات الهلاك الوشيك.
ومنها الاقتباس في قول "ديدالوس" الاب ناصحاً ولده: "إيكاروس، بُني.. استمع لكلامي. لا تطِر على ارتفاع منخفض جداً ، لأن البحر سيبتلعك ، ولا مرتفعاً جداً ، لأن الشمسستذيب أجنحتك".
2. النذير في الأدب العالمي:
لطالما كان الأدب وسيلة لاستكشاف افتتان الإنسان بالمؤامرة والخبائث الخارجيةوالشرّ المحيط..
استخدم المؤلفون هذه الموضوعات لخلق التوتر ، والتنبؤ بالأحداث ، وإضافة العمقإلى رواياتهم.
فيما يلي بعض الأمثلة البارزة:
أ) "ماكبث" لوليام شكسبير:
مأساة شكسبير "ماكبث" مليئة بالبشائر التي تساهم في الشعور بالهلاك الوشيك. وأشهرها ظهور خنجر شبحي يراه ماكبث قبل ارتكاب جريمة قتل الملك. هذا يرمز إلىالذنب والظلام الذي يبتلى به ضميره طوال المسرحية.
ومن ماكبث أيضاً نبوءة الساحرات، إلى جانب مشهد المشي أثناء النوم للسيدة ماكبث،بالمأساة التي تتكشف. والتي ستدفع في النهاية إلى زواله المفاجئ ، مما يسلط الضوءعلى القوة المدمرة للضمير المُذنِب.
ب) "التحول" للكاتب فرانز كافكا:
في رواية كافكا "التحول" ، يستيقظ "غريغور سامسا" ذات صباح متحولًا إلى حشرةعملاقة. هذا التحول المفاجئ وغير القابل للتفسير بمثابة فأل مجازي، يمثل الانهيارالوشيك لحياة جريجور وعلاقاته في محيطه.
ج) "القلب الواشي/The Tell-Tale Heart" للكاتب "إدغار آلان بو":
هذه القصة القصيرة المنشورة عام (1843)، يصف فيها الراوي (شخصٌ مجهولٌ لميُذكر اسمه) جريمةً ارتكبها، في قتلِ رجلٍ عجوزٍ له عينٌ تشبه عين الصقر، وكلُّ السردمن قبل الراوي يدور لإقناع القاريء بسلامة عقل الراوي.
في تلك القصة التي تعدّ من اشهر كلاسيكيات ادغار آلان بو، يبدأ الراوي بالشعور بعدمالارتياح ويلاحظ طرقاً في أذنيه. وبعد ازدياد الطرق، يَخلُص الراوي إلى أن مصدرالصوت هو خفقان قلب العجوز تحت الأرضية، وهو بشائرُ شر، وفألٌ سيء يضع الراويفي مأزقِ انهيار الاعصاب شيئاً فشيئاً مما يؤدي للاعتراف بالجريمة أمام الشرطة.
لقد كانت البشائر السيئة وتشاؤم الناس من الغراب والقط الأسود وغير ذلك كثير، جزءاًلا يتجزأ من الخيال البشري ورواية القصص، في كلٍ من الفولكلور والأدب، أسرت هذهالموضوعات القراء والمستمعين لعدة قرون.
وبينما نستمر في استكشاف الحالة البشرية من خلال وسائط مختلفة، يظل الانبهاربالبشائر دليلاً على فضولنا الدائم حول المجهول.