كيف ينظر نيجيرفان البارزاني لمجزرة قصف حلبجة بالكيمياوي؟

خاص لموقع hiwar/ د هوشيار مظفر علي أمين: تصريح السيد نيجيرفان البارزاني في ذكرى القصف الكيميائي لحلبجة يعكس رؤية تتجاوز البعد التاريخي للكارثة. فهو لا ينظر إليها كحدث ماضٍ فحسب، بل كجريمة مستمرة في آثارها السياسية والإنسانية. عندما يقول: “ننحني إجلالًا واحترامًا لأرواح أكثر من خمسة آلاف شهيد من حلبجة، ونستذكر بكل فخر ووقار جميع شهداء كردستان الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الحرية”، فإنه يعيد التأكيد على معاني التضحية والحرية في الذاكرة القومية الكردية.

كيف ينظر نيجيرفان البارزاني لمجزرة قصف حلبجة بالكيمياوي؟

يرى البارزاني في حلبجة جرحًا لم يندمل، لكنه في الوقت نفسه رمز لصمود الكرد في وجه الإبادة. تصريحه يضع المجزرة في سياق نضالي يتجاوز الإدانة العاطفية نحو تأكيد الحق الكردي في الاعتراف بمظالم الماضي كجزء من الهوية السياسية لشعبه. هذه النظرة ليست جديدة، لكنها تتعزز في كل مناسبة لإحياء ذكرى المجزرة، حيث يحرص الخطاب الرسمي الكردي، وعلى رأسه نيجيرفان البارزاني، على الربط بين الماضي والحاضر، في ظل استمرار المطالب الكردية بالعدالة والحقوق المشروعة.

القصف الكيميائي لحلبجة لم يكن مجرد حادثة معزولة، بل جاء ضمن سلسلة من السياسات القمعية التي استهدفت الكرد لعقود. البارزاني، بصفته أحد أبرز القادة الكرد الحاليين، يدرك أن هذه الجريمة تشكل نقطة محورية في سردية المظلومية الكردية أمام العالم. لهذا السبب، تكرار الحديث عن حلبجة ليس مجرد استذكار، بل استراتيجية دبلوماسية تُستخدم لتعزيز مطالب كردستان بالاعتراف الدولي بالجرائم التي تعرض لها الكرد، وصولًا إلى المطالبة بمزيد من الحقوق السياسية والإدارية.

رغم النبرة العاطفية التي تميّز مثل هذه التصريحات الاستراتيجية كعادة السيد نيجيرفان، إلا أن البارزاني، كسياسي واقعي، يستخدم الذكرى لإرسال رسائل سياسية متعددة. فهو يوجّه خطابه أولًا إلى الشعب الكردي، ليؤكد أن معاناتهم لم تُنسَ، وإلى المجتمع الدولي، ليذكّره بضرورة الاعتراف بهذه الجريمة كإبادة جماعية، وإلى الحكومة العراقية، في سياق العلاقات المعقدة بين أربيل وبغداد.

رؤية مستقبلية مبنية على المأساة

التركيز على “التضحية من أجل الحرية” في تصريحه ليس مجرد تعبير عن الوفاء للشهداء، بل رسالة بأن المأساة لم تكن عبثية، وأنها جزء من مسيرة مستمرة. هذا الخطاب يتناغم مع رؤية القيادة الكردية لمستقبل كردستان، حيث تُستخدم محطات الألم كدوافع لتعزيز الاستقلالية السياسية والإدارية، سواء داخل العراق أو عبر بناء علاقات دولية قوية تدعم القضية الكردية.

وهمذا فالسيد نيجيرفان البارزاني يرى في حلبجة أكثر من مجرد كارثة إنسانية. إنها رمز للمظلومية الكردية، وأداة سياسية لتعزيز الخطاب الكردي على المستويين المحلي والدولي. تصريحه في الذكرى يحمل في طياته أبعادًا عاطفية وسياسية، تجمع بين الإدانة التاريخية والاستثمار في الذاكرة الجماعية لتعزيز الهوية الكردية والمطالب المستقبلية.