كيف بنى إقليم كردستان العراق سياسته الخارجية قبل وبعد 2003؟
خاص لموقعhiwar/د هوشيار مظفر علي أمين::::: :::: "نيجيرفان بارزاني...كان الأكثر قدرة على تقديم العراق كدولة لديها رؤية للمستقبل، تتحدث بلغة الاستقرار والشراكة لا بلغة الخصومة والانقسام." هيدا يت هاشم :::: :::: شهد إقليم كردستان العراق تحولات جذرية في سياسته الخارجية قبل وبعد عام 2003. هذه التحولات ليست مجرد تغيرات تكتيكية، بل استراتيجية عميقة استندت إلى عوامل تاريخية وجيوسياسية داخلية وخارجية. الإقليم الذي كان حتى تسعينيات القرن الماضي شبه معزول عن العالم الخارجي، بفعل حصار الانظمة السابقة له، أصبح اليوم لاعباً إقليمياً فاعلاً يسعى لتأسيس هويته السياسية عبر شبكة من العلاقات الدولية المتوازنة والمعقدة.

قبل 2003: استراتيجية البقاء والتفاوض
• مرحلة العزلة القسرية:
• خلال فترة حكم النظام البعثي، كانت السياسة الخارجية لإقليم كردستان شبه معدومة، نظراً للقيود المفروضة عليه من الحكومة المركزية.
• واجهت القيادة الكردية حينها تحديات أمنية وسياسية، مما دفعها للتركيز على الداخل وترسيخ موقفها كحركة تحرر وطني ولكن الزعيم مصطفى البارزاني وادريس البارزاني ومسعود البارزاني بنوا منظومة علاقات خارجية للاقليم والحركة التحررية والبارتي كانت مؤثرة خارج العراق اقليميا وخليجيا وعربيا ودوليا.
• الدور الإيراني والسوري:
• في الثمانينيات والتسعينيات، استغل الأكراد صراعات النظام العراقي مع إيران وسوريا لبناء تحالفات تكتيكية، ناجحة مؤثرة، مستثمرين في التناقضات الإقليمية للحصول على دعم مهم.
• هذه المرحلة شكّلت حجر الأساس في بناء شبكة اتصالات أولية مع الأطراف الإقليمية، لكنها لم ترقَ إلى سياسة خارجية مستقلة بسبب الوضع العام للعراق وطغمته الحاكمة.
• مرحلة الحماية الدولية (1991-2003):
• فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها منطقة الحظر الجوي على شمال العراق بعد حرب الخليج الأولى.
• هذه الفترة شهدت بداية تحول الإقليم إلى كيان شبه مستقل، مما أتاح فرصة لتطوير سياسة خارجية مستقلة جزئياً.
• القيادة الكردية، وخاصة الزعيم مسعود بارزاني سعت لتعزيز قنوات التواصل مع الغرب، مركزة على ملفي حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية حتى مطلع عام2003م
ومن قم وبعد 2003م بدأ التحول نحو الفاعلية الدولية من خلال:
• استراتيجية الانفتاح والتوازن حيث:
• بعد سقوط نظام صدام حسين، أصبح الإقليم لاعباً محورياً في المشهد العراقي.
• اعتمد الإقليم سياسة خارجية متعددة المسارات: الانفتاح على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي الوقت ذاته، الحفاظ على علاقات متوازنة مع تركيا وإيران والخليج ودول الجوار.
• دور نيجيرفان بارزاني:
• برز نيجيرفان بارزاني كلاعب محوري في صياغة السياسة الخارجية للإقليم بعد 2003 عموما وبعد2017خصوصا.
• واعتمد نيجيرفان بارزاني استراتيجية تقوم على تعزيز العلاقات الثنائية مع العواصم الغربية، والعربية مركّزاً على ملف مكافحة الإرهاب وجذب الاستثمارات الأجنبية وحل الازمات مع المركز.
ونيجيرفان بارزاني أدار ملفات تفاوضية شائكة مع بغداد، خاصة حول ملف النفط والميزانية، واستغل الدعم الدولي للاقليم لتعزيز موقع الإقليم كمركز اقتصادي وأمني وبناء منظومتي سياسة خارجية وعلاقات خارجية متكاملة ومشاركاته الدولية لغاية العقبة2025 بعض ادلة ذلك.
وبتحليل دائرة العلاقات الخارجية للاقليم وهي بنية السياسة الخارجية الكردية نجد التالي:
• إنشاء الدائرة:
• تأسست دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان كإطار مؤسسي لتنظيم وتنفيذ السياسة الخارجية للإقليم.
• الدائرة أُنشئت لتنسيق العلاقات مع وزارة الخارجية العراقية، لكنها فعلياً باتت تتعامل كوزارة خارجية شبه مستقلة.
• استراتيجية الدائرة:
• تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الكبرى والإقليمية.
• السعي لجذب الاستثمارات الأجنبية لتعزيز الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على بغداد.
• إدارة مكاتب حكومة الإقليم في الخارج وتوسيع نطاقها لتشمل دولاً أوروبية وآسيوية.
• تقديم الخدمات القنصلية لمواطني الإقليم في الخارج، خاصة بعد موجات النزوح الكبرى نتيجة الحروب والصراعات الداخلية.
وتنص استراتيجيتها على:"إن التزام حكومة إقليم كردستان ببناء كوردستان مزدهر وقويأمر ضروري لاستقرار المنطقة على المدى الطويل في الوقت نفسه ، ستولي هذهالحكومة الأولوية للعلاقات السلمية مع جيرانها ، وتضمن احترامنا في جميع أنحاءالعالم.
ومن ثم توكد الدائرة أن:
" حكومة إقليم كوردستان أثبتت نفسها شريكا دوليا قيما ، عبر التجارة والاقتصادوالأمن. وفي الآونة الأخيرة ، تحملنا عبء الحرب ضد داعش ، نيابة عن الدول الحرة فيكل مكان.
أصبحت كوردستان ملاذا للتسامح في هذه المنطقة. لقد رحبنا بملايين اللاجئين فياللحظة التي هم في أمس الحاجة إليها. نطلب دعم المجتمع الدولي لحماية هذا الملاذوالحفاظ عليه.
وتحتضن كوردستان التنوع الديني والعرقي وتعزز التعايش السلمي. بينما نسعىللحفاظ على علاقات جيدة مع جيراننا وحلفائنا ، تتبع الحكومة سياسة صارمة بعدمالتدخل في شؤونهم."
وهذا برنامج استراتيجي متكامل قوامه وفق الدائرة:
"كوردستان فخورة بالتزامها الطويل الأجل بالديمقراطية والتعايش الديني والثقافيوبسيادة القانون - وهي القيم التي تجعلنا شركاء متساويين مع المجتمع الدولي."
ومن ثم:
"لدينا تحالفات وصداقات قوية مع الدول الغربية ، كما اتضح من خلال هزيمة داعش ،حيث كان هناك تعاون وتدريب أمني واسع.
التطلع نحو المستقبل
تتمثل أولوية هذه الحكومة في توسيع علاقاتنا الدولية القوية.
سوف نعزز شبكتنا الدبلوماسية في الخارج ، ونضمن أن تكون كوردستان في قلبالمناقشات الحيوية حول الأمن والتجارة.
سنخلق الظروف المناسبة لمزيد من المستثمرين الأجانب للاستفادة من مجموعة منالفرص الاستثمارية في كوردستان."
وصولا الى إنه:"في نهاية المطاف ، من مصلحة أصدقائنا وحلفائنا أن يقدموا لناتفهمهم ودعمهم بينما نبني كوردستان آمنة ومتفتحة."
ملفات السياسة الخارجية: وبالتالي فأولويات العلاقات الخارجية والسياسة الخارجية الجديدة للاقليم بعد 2003عموما و2017 خصوصا:
1. محاربة الإرهاب:
• تحول الإقليم إلى شريك استراتيجي للتحالف الدولي ضد داعش، مما منحه أهمية أمنية وعسكرية إقليمية.
• اعتمد نيجيرفان بارزاني خطاباً يربط بين أمن الإقليم وأمن المنطقة، مستغلاً تهديد داعش لتوسيع نطاق الدعم العسكري الدولي.
2. التفاوض في القضايا العالقة مع بغداد:
• استخدم الإقليم سياسة خارجية نشطة لتأمين دعم دولي لقضاياه مع الحكومة الاتحادية، خاصة ملفات الرواتب وحصة الاقليم والنفط وكركوك.
ونيجيرفان بارزاني قاد محادثات مع واشنطن وأنقرة وطهران ودول الجوار خاصة بعد سقوط الاسد لتثبيت مكاسب الإقليم الاقتصادية والأمنية، مما جعله وسيطاً بين بغداد والدول الإقليمية والعالمية وخطابه في ميونخ 2025 بعض ادلة ذلك.
3. جلب الاستثمارات:
• وظف الإقليم بقيادة نيجيرفان والحكومة قانون الاستثمار لجذب الشركات الأجنبية، مقدماً نفسه كبيئة مستقرة نسبياً وسط الفوضى العراقية.
• أُطلقت حملات ترويجية في أوروبا وأمريكا لاستقطاب الاستثمارات، مع التركيز على قطاعات النفط والغاز والسياحة.
4. تعزيز مكانة الإقليم دولياً:
• أدار الإقليم رئاسة بقيادة نيجيرفان بارزاني وحكومة برئاسة السيد مسرور بارزاني علاقات دولية مبنية على مبدأ الدبلوماسية الاقتصادية، مستثمراً في قطاعات النفط والطاقة كمحاور استراتيجية.
ونجد ان نيجيرفان بارزاني استغل المؤتمرات الاقتصادية الدولية والامنية والعالمية لإبراز مكانة الإقليم كبيئة آمنة للاستثمارات، مستغلاً شبكة العلاقات التي بناها مع الشركات وحكومات الدول الكبرى.
التحديات والاستحقاقات المستقبلية
• التوتر مع بغداد:
• رغم النجاح النسبي في إقامة علاقات خارجية، تبقى هنالك ملفات خلافية مع المركز.
• الرهان على تركيا وإيران:
• رغم تقاطع المصالح مع أنقرة وطهران، تظل علاقات الإقليم معهما رهينة للمتغيرات الإقليمية، وسط جولات مفاوضات امريكا وايران وحل حزب العمال الكردستاني نفسه.
• الادارة للعلاقات الخارجية للاقليم كاستراتيجية:
• يسعى نيجيرفان بارزاني لادارة قضايا الإقليم عبر المنظمات الدولية، خاصة في ملفات النفط والاستثمار والتهديدات.
• الدائرة الخارجية للإقليم باتت تركز على إقامة شراكات استراتيجية مع المؤسسات الأوروبية والأمريكية لتعزيز موقعها .
ونصل مما تقدم الى ان إقليم كردستان بقيادة نيجيرفان بارزاني نجح في التحول من كيان محاصر قبل 1991م إلى لاعب إقليمي مؤثر، مستفيداً من العلاقات الدولية والإقليمية وحتى الخليجية.
ان قيادة نيجيرفان بارزاني جسّدت نموذجاً جديداً في صياغة السياسة الخارجية الكردية، وعلاقات كردستان الخارجية، يرتكز على التوازن بين المصالح الاقتصادية والتحالفات السياسية.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق علاقات خارجية وسياسة خارجية مؤثرتين دون الدخول ازمات وصراعات، وهو ما يتطلب دبلوماسية ذكية ومتعددة الأبعاد تطبق نظرية نيجيرفان بارزاني المشهورة من ان التفاوض هنا وهناك وهنالك هو طريق بناء العلاقات الخارجية الناجحة والسياسة الخارجية الناجحة.