تحليل لمشاركة نيجيرفان بارزاني في مؤتمر ميونخ للأمن 2024 دلالات المشاركة وأهميتها
بقلم قاسم شفيق الخزرجي خاص لموقع hiwar عكست مشاركة نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، في مؤتمر ميونخ للأمن 2024، الدور المتنامي للإقليم في القضايا الإقليمية والدولية. من خلال سلسلة الاجتماعات التي عقدها، بدا واضحاً أن كوردستان تسعى إلى توسيع حضورها الدبلوماسي، وتعزيز موقعها كطرف فاعل في الاستقرار الإقليمي. لم تقتصر لقاءات بارزاني على مناقشة العلاقات الثنائية، بل امتدت إلى ملفات أمنية وسياسية ذات أبعاد دولية، مما يعكس طبيعة التحديات التي يواجهها العراق وكوردستان في ظل المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة.

اللقاءات مع القوى الفاعلة: مقاربة متعددة الاتجاهات
عقد السيد نيجيرفان بارزاني لقاءات مع شخصيات مؤثرة من مختلف الدول، مما يعكس استراتيجية كوردستان في تنويع شراكاتها وتعزيز حضورها السياسي والأمني.
• اليونان: لقاءه مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أظهر اهتماماً بتطوير العلاقات الاقتصادية والأمنية، ما يعكس رغبة أربيل في بناء
علاقات أوسع مع الدول الأوروبية غير التقليدية.
• قطر: اجتماعه مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني تناول ملفات إقليمية كبرى، مثل الحرب في غزة والتطورات الأمنية في الشرق الأوسط، مما يشير إلى رغبة الإقليم في لعب دور متوازن في خضم الصراعات الإقليمية.
• الأمم المتحدة: لقاء بارزاني بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يعكس أهمية الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق على الأجندة الدولية، كما يوضح رغبة كوردستان في الحصول على دعم أممي لتعزيز استقراره السياسي.
• الولايات المتحدة: الاجتماع مع وفد مجلس الشيوخ الأمريكي أكد استمرار الدعم الأمريكي لكوردستان والعراق، خاصة في مواجهة الإرهاب، مما يبرز أهمية العلاقة الاستراتيجية بين أربيل وواشنطن في سياق مكافحة داعش والتهديدات الأمنية.
• تركيا: لقاء بارزاني بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان شدد على ضرورة التعاون لمواجهة التحديات الأمنية، وهو ما يعكس حساسية العلاقة بين أربيل وأنقرة، خاصة في ظل قضايا الإرهاب والحدود.
• بريطانيا: الاجتماعات مع وزيري الدفاع والخارجية البريطانيين (غرانت شابس وديفيد كاميرون) ركزت على محاربة الإرهاب ومنع تفاقم الأزمات الإقليمية، مما يعكس اهتمام بريطانيا باستقرار العراق وكوردستان.
• أذربيجان: لقاء بارزاني بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وتأكيده على تعزيز العلاقات يعكس توجهاً نحو بناء شراكات جديدة مع دول القوقاز، وهو توجه استراتيجي في ظل تغير خريطة التحالفات الإقليمية.
• الكويت: الاجتماع مع وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي اليحيى تناول دعم الكويت المستمر لكوردستان، مما يؤكد أهمية العلاقات الخليجية-الكوردية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي للإقليم.
• الأردن والفاتيكان: لقاء بارزاني بالملك عبدالله الثاني ووزير خارجية الفاتيكان بول غالاغر تناول قضايا أمنية وإنسانية، بما في ذلك أوضاع المكونات في العراق، مما يعكس رغبة كوردستان في تعزيز العلاقات مع الأطراف المؤثرة في المنطقة.
استنتاجات ودلالات استراتيجية
1. التأكيد على اهمية الدور العراقي والكوردي: مشاركة بارزاني بهذا الزخم الدبلوماسي تشير إلى سعي العراق والإقليم لتأكيد مكانتهما كلاعبين مستقلين في المشهد السياسي الإقليمي، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف القوى الدولية.
2. توسيع دائرة الحلفاء: اللقاءات لم تقتصر على الحلفاء التقليديين بل شملت دولاً مثل اليونان وأذربيجان، ما يعكس رغبة العراق وكوردستان في تنويع شراكاتهما الدولية.
3. الأمن الإقليمي كمحور أساسي: معظم اللقاءات تناولت قضايا الإرهاب والاستقرار الإقليمي، ما يؤكد أن العراق وكوردستان يسعيان إلى تعزيز دورهما في القضايا الأمنية، ليس فقط ضمن العراق، وجواره ومحيطه الاقليمي، بل في المنطقة بشكل عام.
4. البعد الاقتصادي والتنموي: رغم التركيز على الأمن، فإن بعض اللقاءات، مثل تلك مع اليونان وأذربيجان والكويت، حملت بُعداً اقتصادياً، مما يشير إلى اهتمام العراق والإقليم بجذب الاستثمارات وتوسيع التعاون التجاري.
5. التفاعل مع الأزمات الإقليمية: نقاش الحرب في غزة والأوضاع في الشرق الأوسط يعكس وعياً بأهمية موقع كوردستان في المعادلة الإقليمية، ورغبة بغداد وأربيل في أن تكونا طرفاً فاعلاً في مساعي الاستقرار.
أظهرت مشاركة نيجيرفان بارزاني في مؤتمر ميونخ للأمن 2024 ديناميكية دبلوماسية تهدف إلى تعزيز مكانة كوردستان على الساحة الدولية. التنوع في اللقاءات والملفات التي تمت مناقشتها يعكس استراتيجية متوازنة تجمع بين تعزيز الأمن، توسيع العلاقات، والانخراط في القضايا الإقليمية الكبرى.