كيف نفهم ادريس نيجيرفان بارزاني ودوره في كردستان اليوم.؟
خاص لموقع hiwar/ زين العابدين العوادي:عندما نتتبع خطوات السيد ادريس نيجيرفان بارزاني في القرى والأحياء الطرفية، نكتشف أن وجوده ليس مجرد زيارات بروتوكولية. يشرف بنفسه على تفاصيل المشاريع، يلتقي بالمتطوعين، ويستمع إلى مشاكلهم. هذه الممارسات تضعه في موقع مختلف ، فهو في جلساته مع الشباب يتحدث بلغة مباشرة، لا تهيمن عليها المصطلحات السياسية الثقيلة، بل تركيز على التعليم، الصحة، الرياضة، البيئة، والفرص المستقبلية. هذا الأسلوب يمنحه شعبية متزايدة بين الجيل الذي يشعر به.

من زاوية استقصائية، يمكن القول إن إدريس يحاول أن يبني “علامة شخصية” ترتبط بالفعل الاجتماعي والثقافي. هذه العلامة تُختبر في قدرتها على الاستمرار وعلى إنتاج نتائج ملموسة. مشروع دعم الشباب المستمر الذي يساعده فيه السيد رىيس الاقليم نيجيرفان بارزاني ليس سوى البداية،
والعلاقات الخارجية التي ينسجها تكشف عن وعي استراتيجي. عندما يفتح الباب أمام منظمات ثقافية أوروبية للعمل في كوردستان، فإنه لا يسعى فقط إلى جلب الدعم المالي أو التقني، بل إلى ربط المجتمع الكوردي بمشاريع عالمية، كي لا يبقى في عزلة. على سبيل المثال، مبادرات تبادل ثقافي بين طلاب جامعات كوردية ونظرائهم في أوروبا، أو مشاريع مشتركة لإحياء الفنون الشعبية عبر منصات رقمية حديثة، كلها خطوات تؤشر إلى فهم أن الثقافة يمكن أن تكون أداة قوة ناعمة، تعزز صورة الإقليم وتفتح أمامه مساحات جديدة من التعاون.
في هذا الإطار، يحرص الشيخ إدريس بارزاني على تقديم نفسه كشخصية شابة قادرة على الحوار مع العالم، لا كرمز سياسي مثقل بالخطاب التاريخي. هذه الميزة تتيح له أن يتحرك بحرية أكبر، وأن يجد قبولا في دوائر مدنية عالمية تبحث عن شركاء محليين خارج الإطار العام.
تحقيقنا الميداني عند زيارتنا اربيل مع عدد من النشطاء الذين شاركوا في بعض مبادراته يكشف عن ملامح أسلوبه. يقول أحد المتطوعين في حملة التشجير : إن إدريس لم يكتف بتقديم الدعم المالي، بل كان حاضراً في مواقع الزراعة، يتحدث مع المتطوعين، ويشاركهم العمل لبضع ساعات. هذه الصورة، مهما بدت بسيطة، تحمل قيمة رمزية كبيرة، لأنها تكسر الفجوة بين القائد والمجتمع.
من جهة أخرى، يركز إدريس على البعد الثقافي في بناء الهوية الجديدة. دعمه للأنشطة الأدبية والفنية يعكس فهماً بأن المجتمع الذي مر بالحروب يحتاج إلى إعادة بناء روحه، لا فقط اقتصاده. عندما يشجع الشباب على تأسيس منصات تعاونية وأدبية، فهو يعيد إنتاج جانب من مشروع والده نيجيرفان الذي عرف عنه رعايته للثقافة والفنون. لكن الفرق أن إدريس يتعامل مع هذه المشاريع من منظور شبابي، أكثر مرونة وأقل رسمية.
خلال السنوات الأخيرة، بدأ اسم إدريس يتردد في وسائل الإعلام المحلية كصاحب مبادرات مدنية مؤثرة. لكن التحدي الحقيقي يكمن في قدرته على تحويل هذه المبادرات إلى مشروع طويل الأمد. كي يتمكن من تجاوز الطابع الفردي للمبادرات، ليجعلها جزءاً من حركة مجتمعية؟
إذا نظرنا إلى خط سيره، نجد أن إدريس يجسد بالفعل رؤية أبيه وجده، لكن بلغة زمانه. والده نيجيرفان رسخ صورة القائد الذي يوازن بين السياسة والحياة الاجتماعية، وجده إدريس أسس لتقليد القيادة القريبة من الناس، أما هو فيحاول أن يعيد صياغة هذه الرؤية عبر المجتمع المدني والثقافة والبيئة. إنها محاولة لنقل الإرث من ميدان السياسة الصلبة إلى ميدان القوة الناعمة.
في المحصلة، ما يقوم به إدريس نيجيرفان بارزاني ليس مجرد نشاط شبابي أو مبادرات خيرية متفرقة، بل مشروع لخلق مساحة جديدة في الحياة الكوردية، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، وحيث يتحول إرث العائلة من رمز تاريخي إلى فعل يومي يلمسه الناس. لقد اختار أن يبدأ من البيئة والثقافة والعمل المدني، وهي ساحات تحتاج إلى صبر طويل، لكنها تحمل القدرة على صناعة صورة قائد مختلف. صورة لا تقوم على الخطابات الرنانة، بل على غرس شجرة زيتون في أرض أربيل، وعلى إشعال حوار ثقافي بين شباب كوردستان والعالم. والمشاركة في كل المبادرات المجتمعية في كردستان ، هنا تكمن ملامح قائد جديد، يولد من رحم إرث طويل، لكنه يسعى لأن يكتب فصله الخاص.
فصل اسمه ادريس بارزاني.