عيد الإيزيديين في كوردستان: طقوس الأمل وسط الأمان

لينا بنيامين داود
يحتفل الإيزيديون في إقليم كوردستان بعيد رأس السنة الإيزيدية، المعروف بـ"سرى سالي"، في أول أربعاء من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي. يُعد هذا العيد من أهم المناسبات الدينية لدى الإيزيديين، ويجسد بداية الحياة والربيع، حيث يُرافقه طقوس دينية مميزة مثل تزيين المنازل بالورود، إشعال الفوانيس، وتلوين البيض الذي يرمز للخصوبة والتجدد. كما يرتدي الناس ملابس تقليدية ويزورون الأضرحة الدينية، خصوصاً معبد لالش، الذي يُعدّ أقدس موقع ديني لدى الإيزيديين.
في ظل الواقع الراهن، يشعر الإيزيديون في كوردستان بقدر أكبر من الأمان والاستقرار، وهو شعور نابع من عوامل عدة:
الاستقرار الأمني والسياسي: يوفر إقليم كوردستان بيئة آمنة ومستقرة، بفضل الجهود المستمرة لقوات البيشمركة التي لعبت دوراً محورياً في تحرير مناطق الإيزيديين من قبضة تنظيم داعش.
غياب الصراعات المسلحة: على خلاف معظم المناطق الأخرى، فإن مناطق الإيزيديين في الإقليم خالية من النزاعات الميليشياوية والتدخلات الخارجية التي تعيق عودة الأهالي وإعادة بناء حياتهم.
الدعم: يقدّم إقليم كوردستان دعماً ملموساً للمجتمعات الإيزيدية من خلال توفير الخدمات الأساسية، ودعم المبادرات الثقافية والدينية التي تسهم في ترسيخ هويتهم.
حرية دينية مصونة: تمكّنهم بيئة كوردستان المنفتحة من ممارسة طقوسهم الدينية والاحتفال بأعيادهم بحرية واحترام، دون خوف أو تمييز.
وفي هذا السياق الداعم والمشجع، برز دور السيد نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان، بشكل لافت في دعم المجتمع الإيزيدي على المستويين المحلي والدولي. وقد تجلى هذا الدعم في عدة خطوات ملموسة:
الاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية: عمل بشكل دؤوب على تسليط الضوء على الجرائم التي ارتُكبت بحق الإيزيديين من قبل تنظيم داعش، ونجح في إيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي، مما ساهم في اعتراف عدد من الدول والمنظمات بما جرى كجريمة إبادة جماعية.
إعادة إعمار المناطق الإيزيدية: دعم جهود إعادة إعمار القرى والمزارات الدينية، لا سيما معبد لالش، مع الحفاظ على طابعها الروحي والثقافي.
رعاية الناجين: وفر برامج متخصصة لدعم النساء والأطفال الناجين من أسر داعش، من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والطبي.
نموذج للتعايش والتسامح: يؤكد باستمرار على أهمية حماية التعددية الدينية والثقافية في كوردستان، ويعتبر الإيزيديين جزءاً لا يتجزأ من نسيج الإقليم، مبرزاً صورة كوردستان كمكان يحتضن جميع المكونات.
إن عيد "سرى سالي" لا يقتصر على كونه مناسبة دينية، بل يمثل للإيزيديين رمزاً للصمود وتجديد الروح، وتأكيداً على التمسك بالهوية والجذور بعد سنوات من الألم والمعاناة. وفي ظل الأمان الذي توفره كوردستان، يصبح الاحتفال بهذا العيد بمثابة رسالة قوة وأمل، تعززها القيادة الواعية التي تعمل على حماية هذه الأقليات وضمان مستقبل أكثر إشراقاً لهم. إن عيد الإيزيديين في كوردستان هو احتفال بالحياة، والتجدد، والكرامة، في أرض تحتضن التعددية وتؤمن بأن التنوع مصدر غنى وقوة.