السلام ومنتدى السليمانية: رؤية الرئيس نيجيرفان بارزاني لكردستان والمنطقة والعالم

بقلم سيروان عبدالكريم علي
سياسي وأكاديمي
في كلمته خلال منتدى السليمانية لعام 2025، أعاد فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني التأكيد على مبدأ أساسي يتجذّر في إرث عائلة بارزاني، ألا وهو السلام، ليس فقط كسياسة مرحلية بل كفلسفة راسخة ومنهجية مستدامة لشعب كردستان والمنطقة بأسرها. تحدث من قلب مدينة السليمانية، المعروفة بتنوعها السياسي والفكري، مؤكدًا أن السلام هو القوة الحقيقية للدول والطريق نحو الاستقرار والازدهار والتعاون الإقليمي.
رؤية الرئيس نيجيرفان بارزاني للسلام ليست جديدة؛ بل تمتد جذورها عبر ثلاثة أجيال. فجده، القائد التاريخي ملا مصطفى بارزاني، اختار في أواخر الستينيات أن يسامح رفاقه الذين خانوه، مقدمًا مبدأ الوحدة على الانتقام. أما والده، إدريس بارزاني، فقد عُرف بـ “صانع السلام” خلال فترة الحرب الأهلية الكردية في الثمانينيات، إذ عمل على إنهاء الصراعات الداخلية بين الفصائل الكردية. واليوم، يتابع نيجيرفان بارزاني هذا النهج، وقد أصبح رمزًا للسلام في كردستان وخارجها.
أبرز الرئيس بارزاني في كلمته أن السلام لا يقتصر على كردستان فحسب، بل هو حاجة ملحة للعالم أجمع، في ظل أزمات دولية كبرى مثل الحرب في أوكرانيا، النزاعات في غزة، وأزمات المناخ والمياه. شدد على أن التحديات المشتركة تتطلب تعاونًا دوليًا حقيقيًا، وأن تحقيق السلام يعزز مساهمة الشعوب في التنمية، خصوصًا الأكراد الذين يشكلون واحدة من أكبر المكونات العرقية في الشرق الأوسط.
وأكد الرئيس على أهمية الحوار مع الحكومة الاتحادية في بغداد، وعلى ضرورة تفعيل الدستور العراقي كمرجعية لضمان حقوق جميع المكونات. كما دعا القوى السياسية في الإقليم إلى الإسراع بتشكيل حكومة جديدة، تعكس إرادة المواطنين وتواجه التحديات الراهنة.
رسالة الرئيس نيجيرفان بارزاني في منتدى السليمانية لم تكن مجرد خطاب سياسي، بل إعلان واضح بأن السلام هو هوية كردستان ونهجها السياسي. إنها دعوة صادقة للعراق والمنطقة والعالم لاختيار السلام كسبيل للمستقبل، إذ لا يمكن للتنمية والعدالة أن تزدهر إلا في بيئة يسودها التعاون، التسامح، والاحترام المتبادل.