تميمة ورد – لعلي اليعقوبي الرواية التي جمعت الروايات
خاص لموقع hiwar/د هوشيار مظفر علي امين:“تميمة ورد” ليست مجرد عمل روائي. إنها بيان سردي يلخّص تحولات العراق النفسية والسياسية والاجتماعية في قالب روائي مدهش. علي اليعقوبي في هذه الرواية لم يكتب قصة، بل ابتكر مشهداً دائماً يتحرك بين الواقع والأسطورة، بين بغداد القديمة والحديثة، بين الحب كخلاص شخصي والسياسة كمصير جماعي. شخصية ورد: العراق بلحم ودم ورد ليست بطلة تقليدية. هي كناية. استعارة تمشي على قدميها. تمثل العراق نفسه بكل تمزقاته وجماله. ليست شخصاً، بل ذاكرة. تنكسر، تنهض، تحب، تخون، تبحث عن ذاتها في كل رجل وكل شارع وكل خطاب.
يتحول القارئ معها من متفرج إلى شاهد. من قارئ إلى مشارك. يجد في كل تحول تمر به وردة، انعكاساً لعقود من الغموض السياسي، والتقلبات، والخيانة، والانبعاث من الرماد.
السرد: هندسة بارعة للزمن والمكان
اليعقوبي لا يسرد خطاً زمنياً. إنه يبني فسيفساء. كل فصل قطعة. كل شخصية مرآة. لا يقودك الكاتب إلى الحبكة، بل يدفعك دفعاً لتسير وسط الضباب. ثم فجأة، يتضح كل شيء في ضربة واحدة، وكأنك أتممت قصيدة سياسية في شكل رواية حب.
التشابك بين الحوار الداخلي، والسرد الموضوعي، والمشاهد السينمائية التي تتنقل بين بغداد وكل العراق، تجعل من الرواية تجربة بصرية وعقلية لا تُنسى.
السياسة: خلفية لا تغيب
الرواية لا تتحدث عن السياسة. هي مشبعة بها. دون شعارات. دون أسماء مباشرة. لكن كل حوار، كل قرار تتخذه ورد، كل رجل تحبه أو تبتعد عنه، هو تمثيل لمرحلة، لتيار، لاصطفاف أيديولوجي، لصراع محلي وإقليمي.
الذكاء هنا أن اليعقوبي لا يسقط في فخ التوثيق. هو يكتب عن مصير سياسي بلسان العاطفة، وبمنطق الإنسان. السياسة في الرواية تنساب كالماء في العروق. لا تُرى مباشرة، لكنها تغذي كل شيء.
الابتكار في البناء
الرواية ترفض البنية التقليدية. لا بداية واضحة ولا نهاية مغلقة. إنها تتشظى وتتجمع كما يفعل العراق في تاريخه الحديث. كأنها تجربة روائية مستوحاة من عدة روايات، لكنها خرجت في جسد واحد. وهذا ما يجعل عنوان “الرواية التي جمعت الروايات” توصيفاً دقيقاً لا مبالغة فيه.
علي اليعقوبي: صوت عراقي روائي بثقل التاريخ
اليعقوبي لا يكتب بحبر. يكتب بأثر. كل جملة تحمل خلفها عشرات القراءات. لا يكرر أحداً، ولا يحاكي أحداً. صوته خاص، وإيقاعه مغاير. هو روائي لكنه أيضاً فنان وشاعر ومهندس سرد، ومفكر سياسي، وراصد اجتماعي. في “تميمة وردة” يبرهن أنه لا يكتفي بالحكاية، بل يصنع الحدث الأدبي.
لماذا يجب أن تُقرأ الرواية؟
• لأنها رواية عراقية، لكنها تتحدث بلسان كل من عاش الحيرة والبحث عن معنى.
• لأنها تجسد أن السياسة لا تُفهم من الأخبار، بل من البشر الذين يعيشونها.
• لأنها تجعل من الحب مخرجاً من العبث، ومن بغداد رمزاً يتجاوز الجغرافيا.
• لأنها تبتكر طريقة جديدة للكتابة، وتدفعك للتفكير بعد كل صفحة.
هل ورد شخصية حقيقية؟
أم هي نحن جميعاً؟
هذا ما لا تجيب عليه الرواية. وهذا بالضبط ما يجعلها عظيمة.