عشر نقاط ناجحة في استراتيجية نيجيرفان بارزاني لعلاقات العراق الدولية وسياسة العراق الدولية.
خاص لموقعhiwar/د هوشيار مظفر علي امين:في مشهد سياسي معقد يعيشه العراق منذ 2003، قليلون من استطاعوا تخطي حدود المكونات والاصطفافات الطائفية ليقدموا وجهاً مقبولاً للعراق في الخارج. نيجيرفان بارزاني نجح أن يتحول من زعيم إقليمي إلى رمز اتحادي جامع، استطاع أن يبني سياسة خارجية للعراق لا تقوم على الشعارات، بل على العمل المباشر والمبادرات الواقعية.

وهذه عشر نقاط تلخص نجاح استراتيجيته:
1. خطاب موحد باسم العراق
في كل جولاته الخارجية، قدم نيجيرفان بارزاني نفسه ممثلاً للعراق الموحد، لا مجرد رئيس لإقليم كردي.
خطابه أمام القمم الدولية، مثل منتدى دافوس ومؤتمر ميونيخ للأمن، 2025 وانطاليا كان دائماً يؤكد على وحدة العراق، احترام تنوعه، ودعوة الشركاء الدوليين لدعمه كدولة لا كمجموعة كيانات متصارعة.
2. بناء شبكة علاقات متعددة الاتجاهات
تحرك نيجيرفان برؤية بعيدة عن الرهان على محور إقليمي واحد.
حافظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة، أوروبا، تركيا، إيران، ودول الخليج، ونسج خيوطاً مع الصين وروسيا في ملفات اقتصادية وأمنية دقيقة.
هذه السياسة المتعددة جنبت الإقليم والعراق الدخول في صراعات المحاور خاصة بعد الاسد وتهديد ترامب لايران قبل المفاوضات الحالية.
3. دور الوسيط الإقليمي
نيجيرفان لعب دور الوسيط الصامت بين بعض دول الجوار.
استضاف محادثات غير معلنة بين وفود رسمية من تركيا وإيران، وساهم في تقريب وجهات النظر بين بغداد وبعض العواصم العربية.
هذا الدور عزز صورته كرجل توازن إقليمي، وليس طرفاً في نزاعات الآخرين.
4. ترسيخ صورة الإقليم كبوابة استثمارية للعراق
روج الإقليم بقيادة نيجيرفان على أنه منطقة مستقرة نسبياً تصلح كنقطة انطلاق للشركات الأجنبية نحو بقية العراق.
ركز على ملفات الطاقة، الزراعة، البنى التحتية، مع عرض محفزات قانونية وأمنية للمستثمرين.
هذا النموذج أعطى للعراق فرصة في تحسين صورته الاقتصادية الخارجية رغم الأزمات.
وذلك مما انفرد به نيجيرفان بارزاني هاهنا.
5. الحضور الدبلوماسي الفعال
نيجيرفان لم يكتف باستقبال السفراء والمسؤولين الدوليين في أربيل، بل زار بنفسه العواصم الكبرى.
زار باريس، برلين، لندن، أنقرة، طهران، أبو ظبي، الرياض، ميونخ انطاليا والفاتيكان.
في كل زيارة، كان يحمل أجندة مركزة: بخطاب لا يقوله الا نيجيرفان بارزاتي: دعم الاستقرار، تعزيز العلاقات، تطوير فرص الاستثمار، توسيع التعاون الأمني.
6. خطاب التعايش وحماية الأقليات
في كل محفل دولي، كان نيجيرفان يدافع عن حقوق الأقليات العراقية من المسيحيين والإيزيديين والتركمان وغيرهم.
رفع شعار حماية التنوع العراقي كجزء من حماية وحدة الدولة، وكسب بذلك احتراماً دولياً نادراً لقائد عراقي وكوردي يتحدث بلغة المواطنة لا المكونات.
7. واقعية التعامل مع ملفات الطاقة
اعتمد مقاربة براغماتية في ملف النفط والغاز.
لم يدخل في صدام مفتوح مع بغداد، بل عمل على التفاوض لتحصيل حقوق الإقليم مع الحفاظ على الإطار الاتحادي للعراق.
مفاوضاته مع شركات الطاقة العالمية كانت قائمة على فكرة “الشراكة الاتحادية” وليس “الانفصال الاقتصادي”.
8. الحذر من الانزلاق في الصراعات العسكرية
رغم الضغوط الإقليمية والأحداث الأمنية المتكررة، حافظ نيجيرفان على سياسة ضبط النفس.
رفض التدخل في الصراعات المسلحة اينما كان وخاصة بعد سقوط الاسد، وحرص على إبقاء الإقليم بعيداً عن أي مواجهة عسكرية مباشرة مع دول الجوار أو داخل العراق.
هذه السياسة عززت موقعه كطرف موثوق في الداخل والخارج.
9. تعزيز صورة العراق الجديد في الخارج
نيجيرفان قدم صورة للعراق كدولة تسعى للاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي، بعيداً عن صورة الدولة الفاشلة أو الساحة المفتوحة للصراعات.
كان دائماً يؤكد أن عراق ما بعد 2003 يجب أن يكون مختلفاً: أكثر استقراراً، أكثر تعاوناً مع جيرانه، وأكثر شراكة مع العالم.
10. الجمع بين الواقعية والمثالية السياسية
استراتيجية نيجيرفان تقوم على أساس مزدوج:
• واقعية كاملة في فهم موازين القوى والمصالح الدولية.
• مثالية محسوبة في الترويج لقيم المواطنة، التعددية، والاستقرار.
هذا التوازن جعله الزعيم العراقي الوحيد الذي يمكن أن يجلس مع قادة العالم بوصفه شريكاً حقيقياً، لا مجرد ممثل لمكون أو حزب.
وفي زمن تبحث فيه الدول الكبرى عن شركاء محليين موثوقين، أصبح نيجيرفان بارزاني أحد أهم وجوه العراق في الخارج.
ليس لأنه أقوى عسكرياً أو أكثر صوتاً سياسياً، بل لأنه استطاع أن يقدم للعالم صورة مختلفة لعراق ممكن: عراق يتحدث لغة المصالح، ويحلم بلغة المستقبل.
نجاح نيجيرفان بارزاني لم يكن صدفة، بل نتيجة عمل دقيق، وحسابات ذكية، وخطاب سياسي يعرف متى يكون واقعياً ومتى يكون مثالياً.
وتلك صفات رجل مثل نيجيرفان بارزاني.