نيجيرفان بارزاني: من وجوه الدولة العراقية الحديثة ودبلوماسية التأثير الإقليمي والعالمي

لموقع hiwarوادارة الازمة/ د هوشيار مظفر علي امين:في خضم المشهد السياسي العراقي المعقد، يبرز اسم نيجيرفان بارزاني كشخصية محورية تجاوزت حدود الزعامة الكردية التقليدية لتصبح رمزاً للقيادة العراقية الجامعة. لم يعد بارزاني مجرد رئيس لإقليم كردستان، بل تحول إلى مهندس للدولة العراقية الحديثة، يسعى جاهداً لتعزيز وحدتها واستقرارها، وتأكيد حضورها الفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية. ضمن استراتيجياته السياسية والدبلوماسية التي أسهمت في إعادة تعريف دور العراق ومكانته، مؤكدة في فعله السياسي على رؤيته الشاملة التي تتجاوز الانتماءات الفرعية نحو مصلحة وطنية عليا.

أغسطس 6, 2025 - 17:07
أغسطس 6, 2025 - 17:07
نيجيرفان بارزاني: من وجوه الدولة العراقية الحديثة ودبلوماسية التأثير الإقليمي والعالمي

ولطالما اتسمت العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في بغداد بالازمات وادارتها من قبله. حيث ان نيجيرفان بارزاني تبنى نهجاً تفاوضياً فريداً، يرتكز على الحوار العراقي العراقي، البناء والتفاهم المتبادل بدلاً من المواجهة الصدامية. هذا النهج،الذي يعكس واقعية سياسية عالية، مكنه من تحقيق إنجازات مهمة لإقليم كردستان،وفي الوقت ذاته، المساهمة بفعالية في استقرار العراق ككل.

ولقد أثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها في تجاوز أزمات كبرى، أبرزها تداعيات استفتاءاستقلال إقليم كردستان عام 2017. ففي الوقت الذي فرضت فيه بغداد إجراءاتعقابية على الإقليم، كان بارزاني هو من نسّق الجهود لرفع الحظر السياسي، وأعاد فتحقنوات الحوار، مما جنّب الوضع مزيداً من الانقسام وأسهم في استعادة التوازن. هذاالدور المحوري في إدارة الأزمات يؤكد قدرته على القيادة بحكمة ودبلوماسية، ووضعالمصلحة الوطنية العراقية فوق أي اعتبارات أخرى.

ومن قبلها ومن بعده كان في عمله العراقي يقدم عراقيته على كرديته الى اليوم وهو يبرز وجه العراق عموما وكردستان خصوصا في المحافل الدولية التي تدعوه وتستقبله من ميونخ الى انطاليا الى دافوس الى باريس.

ويُنسب إلى نيجيرفان بارزاني الفضل في كونه المهندس الرئيسي للنهضة التنموية التيشهدها إقليم كردستان في مختلف المجالات. فمنذ توليه مناصب قيادية، عمل علىبناء مؤسسات قوية، وتعزيز البنية التحتية، وجذب الاستثمارات، مما حول الإقليم إلىنموذج للاستقرار والازدهار النسبي في منطقة مضطربة.

هذا النجاح الاقتصادي والاجتماعي لم يقتصر تأثيره على إقليم كردستان فحسب، بلانعكس إيجاباً على الصورة العامة للعراق ومكانته الإقليمية والدولية. فإقليم كردستان،بفضل قيادة بارزاني، أصبح يمثل نقطة جذب للاستثمار ومركزاً للدبلوماسية الإقليمية،مما يعزز من قوة العراق التفاوضية ويقدم نموذجاً للتعايش والتنمية يمكن أن يحتذىبه في مناطق أخرى من البلاد.

ونجد إن رؤيته للتكامل الاقتصادي مع بغداد، بدلاً من الصراع على الموارد، تعكس فهماًعميقاً للمصالح المشتركة وضرورة بناء اقتصاد وطني قوي ومترابط.

وفي عالم تتشابك فيه المصالح وتتعدد التحديات، أظهر نيجيرفان بارزاني قدرة فائقةعلى ممارسة دبلوماسية هادئة ومتزنة، أعادت رسم صورة العراق دولياً. لقد جمع بينالانفتاح الإقليمي والحضور العالمي المتماسك، مما مكن العراق من استعادة مكانتهودوره الفاعل على الساحة الدولية بعد سنوات من الاضطرابات.

وزياراته المتعددة إلى عواصم القرار العالمية، ولقاءاته مع رؤساء الدول والمنظماتالدولية، لم تكن مجرد بروتوكولات دبلوماسية، بل كانت جزءاً من استراتيجية مدروسةلتعزيز علاقات العراق الخارجية، وجذب الاستثمارات اللازمة لإعادة الإعمار والتنمية،وحشد الدعم الدولي لاستقرار البلاد.

فلقد أصبح بارزاني وجها للعراق، يمثل مصالحه العليا ويسعى لتعزيز دوره كشريكموثوق به في المجتمع الدولي، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب وتأمين الاستقرارالإقليمي.

ويمتلك نيجيرفان بارزاني شبكة واسعة من العلاقات الإقليمية، لا سيما مع دول الجوارالمؤثرة مثل تركيا وإيران، حيث  عمل بجد على بناء جسور التواصل والحوار مع هذهالدول، مؤكداً على أهمية التعاون الإقليمي لتحقيق الأمن والاستقرار المشترك للعراقوالمنطقة بأسرها.

ومشاركته الفاعلة في منتديات الحوار الإقليمية، وزياراته المتكررة لطهران وأنقرة،ورؤيته للسلم بعد حرب الاثني عشر يوما بين ايران واسرائيل وامريكا، تؤكد على دورهكسياسي عراقي معاصر ومعتدل يمتلك قدرات دبلوماسية عالية في إدارة العلاقاتالمعقدة والحساسة. ورؤيته لمفهوم “الإقليم المتوازن”، حيث يقدم إقليم كردستانكنموذج للاستقرار العراقي، تهدف إلى تعزيز دور العراق كمركز للاستقرار في محيطهالمضطرب، وتؤكد على أن أمن العراق واستقراره يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بأمن واستقرارالمنطقة ككل. هذا النهج الاستراتيجي يخدم المصالح الوطنية العراقية العليا، ويساهمفي بناء بيئة إقليمية أكثر أمناً وازدهاراً.

إن ما يميز نيجيرفان بارزاني ويجعله شخصية استثنائية في المشهد العراقي هو قدرتهعلى تجاوز الانتماءات الفرعية ليصبح شخصية وطنية عراقية بامتياز. لقد أظهر التزاماًقوياً بوحدة العراق وسيادته، وعمل بجد على تعزيز اللحمة الوطنية بين جميعالمكونات العراقية، من خلال الحوار والتفاهم ونبذ الخلافات.

فخطابه السياسي يركز دائماً على المصالح الوطنية العليا للعراق، وجهوده المستمرةفي حل النزاعات الداخلية، سواء بين أربيل وبغداد أو بين الأطراف السياسية المختلفةداخل الإقليم، تؤكد على رؤيته الشاملة لمستقبل العراق كدولة قوية ومستقرة. إنهيمثل نموذجاً للقيادة التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتسعى لبناء دولةمدنية حديثة تستوعب جميع أبنائها وتوفر لهم الأمن والازدهار.

وهمذا فإن استراتيجيات نيجيرفان بارزاني، العراقية الكردية، التي تجمع بينالدبلوماسية الهادئة، والنهج التفاوضي البناء، وتعزيز العلاقات الإقليمية والدولية، قدأسهمت بشكل كبير في تعزيز مكانة العراق ودوره المحوري على الساحة العالمية. لقدأصبح  نيجيرفان يمثل رمزاً للقيادة العراقية الحكيمة التي تسعى إلى بناء دولة قويةومستقرة، قادرة على لعب دور إيجابي وفاعل في محيطها الإقليمي والعالمي.

ومن ثم تجاوز نيجيرفان بارزاني دوره كزعيم كردي ليصبح قائداً للعراق بأكمله، ومدافعاًعن مصالحه العليا، ومبشراً بمستقبل أكثر إشراقاً للبلاد. إن رؤيته الاستراتيجية العراقية قبل الكردية، والتي تركز على الوحدة الوطنية، والتنمية الاقتصادية، والدبلوماسيةالفاعلة، تمثل خارطة طريق لمستقبل العراق كدولة ذات سيادة، وهي خارطة طريق قادرة على تحقيق تطلعات شعبها في الأمن والازدهار والتقدم.

نيجيرفان بارزاني وجه عراقي كردي وطني في مثلث العراق الفدرالي.