أمل بعد الألم 

سبتمبر 2, 2025 - 13:45
أمل بعد الألم 

بقلم: هلت لاز 

بعد مرور أسبوع على المؤتمر الدولي حول إبادة الإيزيديين، الذي استضافته عاصمة إقليم كوردستان بتنظيم من جامعة كوردستان – أربيل، يبرز هذا الحدث بوصفه الأول من نوعه على مستوى الإقليم والعراق. فقد جمع المؤتمر نخبة من الباحثين والخبراء المحليين والدوليين لتقديم أبحاثهم ومناقشة أبعاد الإبادة من زوايا تاريخية وسياسية وإنسانية. فالإبادة الجماعية، كما أُشير في المؤتمر، ليست مأساة عابرة أو مجرد صفحة سوداء في كتب التاريخ، بل هي جريمة تستهدف وجود الشعوب وهويتها قبل أن تستهدف أرواح أفرادها. 

على مرّ التاريخ، تعرّض شعب كوردستان وضواحيها لموجات متكررة من الإبادات التي استهدفت كيانه القومي ووجوده على أرضه. حملات القتل الجماعي، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وتدمير آلاف القرى، كلها تركت وراءها آلاف الضحايا ومعاناة إنسانية ممتدة للأجيال. هذه التجارب القاسية تجعل من مسؤولية القادة مضاعفة، إذ يقع على عاتقهم واجب بذل كل ما في وسعهم لمنع تكرار مثل هذه الجرائم. 

لقد كان الرئيس مسعود بارزاني رمزًا للمقاومة والصمود في أحلك المراحل، حيث قاد معارك الدفاع عن كوردستان وشنكال وأشرف على دور البيشمركة الذين ضحوا بدمائهم من أجل حماية المدن والقرى من الإبادة والتهجير.  

ويبرز أيضًا دور رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، الذي كان من أوائل المبادرين في مواجهة تلك المآسي. لم يقتصر دوره على إدانة الإبادة، بل عمل بشكل مباشر على توفير الدعم المادي والمعنوي للضحايا، وخاصة الإيزيديين قد قاد محاولات متكررة لإنقاذهم، ووفقًا للتقارير الأخيرة تم إنقاذ ٣،٥٧٥ شخصًا من أيدي داعش. وتمثل هذه الجهود شهادة حيّة على التزامه الإنساني والسياسي. وقد أولى اهتمامًا خاصًا بحماية النساء والأطفال الذين كانوا الأكثر عرضة للانتهاكات الوحشية. وبحسب ما ذكره د. نوري عثمان في مقابلة صحفية، فإن نيجيرفان بارزاني قال: "لو لزم الأمر، قوموا ببيع سترتي لتحرير نساء الإيزيديات"، مؤكدًا أن الدفاع عن الفئات الأكثر ضعفًا هو واجب لا يحتمل التأجيل. 

إن انعقاد هذا المؤتمر البحثي في أربيل بحد ذاته يعكس رؤية الرئيس نيجيرفان بارزاني في جعل كوردستان منصة للحوار الأكاديمي والعلمي، لتوثيق الجرائم وتحويل المعاناة إلى معرفة وأبحاث رصينة يمكن أن تشكّل أساسًا لخطط عملية، سواء على مستوى العراق أو عبر التعاون مع الدول المتقدمة، بهدف منع تكرار الإبادات مستقبلًا. 

وفي النهاية، فإن دور الرئيس نيجيرفان بارزاني لا يقتصر على كونه قائدًا سياسيًا، بل يتجاوز ذلك إلى كونه شاهدًا وفاعلًا في معركة الذاكرة والكرامة، واضعًا الإبادة في موقعها الصحيح: جريمة ضد الإنسانية جمعاء، وليست ضد الكورد أو الإيزيديين وحدهم.