من نوتردام إلى ميونخ، نيجيرفان بارزاني وأمريكا الجديدة

• في ختام مؤتمر ميونخ الأمني، وخلال مؤتمر صحفي، صرّح رئيس إقليم كوردستان قائلاً: "أمريكا اليوم هي أمريكا جديدة، ولديها رؤيتها وحلولها الخاصة للسلام في العالم، ونحن نثق بمشروع الرئيس ترامب، ونعتبر أمريكا حليف لنا". في الوقت الذي يراقب فيه الأوروبيون والعالم عودة ترامب إلى البيت الأبيض بشيء من الترقب والتردد، يعبر رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، عن ثقته واطمئنانه تجاه هذه العودة، وهو ما يستدعي إلى شيء من التأمل والتفكر!
إن جهود نيجيرفان بارزاني الدبلوماسية في ترسيخ السلام والتعايش في المنطقة مسألة ذات أهمية كبيرة، ليس فقط على مستوى كوردستان، وإنما على مستوى الشرق الأوسط بأسره، تدرك الولايات المتحدة جيداً قيمة هذا النهج، وإمكانية أن يكون لنيجيرفان بارزاني دور محوري في تحقيق الاستقرار، وفي هذا السياق، يمكن أن نستذكر جهوده المؤثرة في ثلاث مبادرات بارزة في تعزيز عملية السلام والتواصل:
المفاوضات بين كورد سوريا والسلطة الجديدة هناك، دوره في عملية السلام في تركيا، وكذلك جهوده في تعزيز الحوار بين أربيل وبغداد. ومؤخراً، تلقى رسالة خطية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاء فيها:"نقدّر جهودك المستمرة، ونتمنى لك النجاح في مهامك، ونؤكد على أهمية تعزيز سبل التعاون والتنسيق المشترك لتحقيق القيم المشتركة بيننا."
• لنعود بالزمن الى مراسم إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في نهاية عام 2024 خلال المناسبة، كان رئيس الإقليم محط اهتمام القادة الدوليين، حيث عرض رؤيته لمستقبل المنطقة وهذا يكشف الكثير لنا. المحللين السياسيين أشاروا إلى أن الرئيس الأمريكي أولى اهتماماً خاصاً بتصريحات رئيس الإقليم، بينما قال إيمانويل ماكرون لترامب "أن نيجيرفان بارزاني هو الرئيس الذي يمكنه أن يكون له دوراً محورياً في مستقبل الشرق الأوسط وإرساء الاستقرار فيها وسط التغييرات الكبيرة". وكذلك تمتلك إدارة ترامب السابقة تجربة مع رئيس الإقليم، فإن التطورات الأخيرة في المنطقة إلى جانب دوره كوسيط بين الأطراف ودوره الإيجابي في إدارة الأزمات عززت الثقة المتبادلة. لذا يمكن القول: إن لقاء كاتدرائية نوتردام ومواقف رئيس الإقليم خلالها رسخت أساساً قوياً للعلاقة بين إقليم كوردستان و"أمريكا الجديدة."
• اليوم، تواجه المنطقة تحولات جديدة ذات تأثيرات سريعة وواسعة: منها عودة ترامب وانعكاساته على مستقبل الشرق الأوسط، التغيرات في السلطة السورية، مسار عملية السلام في تركيا، و الانتخابات المقبلة في العراق، هذه الملفات تعد الأبرز تداولاً على الساحة السياسية في الوقت الحالي. لدى رئيس إقليم كوردستان، رؤية واضحة لكل مما سبق، تتجلى في النقاط التالية:
١- يثق بمشروع ترامب، ويؤمن بحلوله للاستقرار ومنع النزاعات.
٢- يدعو الحكومة الجديدة في سوريا إلى ضمان حقوق جميع المكونات، ويشجع كورد سوريا على المشاركة الفعالة في العملية السياسية.
٣- يعلن عن دعمه للسلام والمفاوضات للوفد الاتي من قبل DEM-Parti، كما يدعو (pkk)إلى الالتزام برسائل أوجلان من أجل السلام والتعايش في تركيا.
٤- يجدد التأكيد دائماً، على أن الحوار الجاد مع بغداد وتطبيق الدستور هو الأساس، ونعمل ضمن فريق مشترك لتحقيق ذلك.
أن كل هذه المواقف المذكورة تدفع الإدارة الأمريكية الجديدة إلى النظر بجدية في جهود نيجيرفان بارزاني لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وقد أشار ترامب في رسالته المكتوبة يدوياً إلى "وجود القيم المشتركة بين أمريكا وإقليم كوردستان،" وهو ما يعكس نقطة التقاء وجهات النظر بين الرئيسين حول مستقبل المنطقة والسلام فيها بشكل عام.
محمد فائق
الترجمة: هلت لاز