نيجيرفان بارزاني مدير الازمة عن بعد ،وسط صراعات الحرب الامريكية الاسرائيلية_ الايرانية.
خاص لموقعhiwar/ د هوشيار مظفر علي أمين:في ذروة التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، ووسط احتدام المواقف الأميركية بعد قصف مفاعلات ايران النووية ثم اعلان ترامب نهاية الحرب،بدا أن الشرق الأوسط يتجه إلى طور جديد من المواجهة المفتوحة. لكن في قلب هذه الفوضى، تشكل موقف استثنائي لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، قائم على استراتيجية دقيقة: ليس الحياد المجرد، بل الحياد بوصفه أداة فاعلة لصناعة التوازن وضبط الإيقاع السياسي، داخلياً وإقليمياً. وعراقيا عموما وكورديا خصوصا وتغريدته على تويتر دليل ذلك. نيجيرفان بارزاني لم ينتظر اشتعال النزاع ليحدد موقفه، بل استبق التطورات بخطاب سياسي واضح: إقليم كردستان لن يكون طرفاً في هذه الحرب، ولن يسمح باستخدام أراضيه ميداناً لتصفية الحسابات.

هذا الموقف لم يأت كتكتيك ظرفي، بل كامتداد لرؤية استراتيجية طويلة الأمد تتبناها رئاسة الإقليم، تقوم على:
• النأي بالإقليم والعراق عن الاصطفاف المحوري
• رفض توظيف الأراضي الكردية والعراقية لأي أهداف عسكرية ضد دول الجوار
• التمسك بخيار الدبلوماسية الشاملة كبديل وحيد للصراع
ومعهن حماية العراق وكوردستان.
ومن هذا المنطلق، كان موقف بارزاني لا يحمل حياداً بارداً أو مراوغة خطابية، بل رسالة مزدوجة:
• إلى إيران: كردستان لن تكون منصة عدائية ضدك
• إلى الولايات المتحدة وإسرائيل: الاستقرار في العراق والإقليم أولويتنا، ولا يمكن خرقه حتى تحت ضغط التحالفات
نيجيرفان بارزاني أدرك مبكراً أن سياسة النأي تحتاج إلى غطاء وطني، لا محلي فقط. ولذلك تحرك باتجاه حكومة بغداد لإيجاد صيغة موقف عراقي موحّد من الأزمة.
الهدف لم يكن فقط تجنيب كردستان تبعات المواجهة، بل:
• تحصين العراق ككل وكوردستان من الدخول في مسار الاستقطاب
• إعادة تعريف الموقف العراقي والمورديكقوة سيادية مستقلة لا تتماهى مع محاور إقليمية
• تثبيت سياسة “الحياد الإيجابي” في القرار السيادي العراقي والكوردي
ونيجيرفان يجمع عراقة عراقية لكورديته المحببة للكورد والعراقيين حتى ليعتبروه رمزا عراقيا خالصا.
هذا التنسيق لم يكن رمزياً، بل انعكس في خطوات ملموسة:
• البيانات المشتركة الرافضة لتحويل العراق وكوردستان إلى ساحة صراع
• تعزيز التنسيق الأمني لمنع استخدام الأراضي العراقية، بما فيها الكردية، في أي نشاط عدائي
• دعم ميجيرفان بارزاني لفكرة خطاب عراقي وطني موحّد تجاه الحرب، يعيد صياغة موقع العراق في خارطة النزاعات الشرق أوسطية
ونلاحظ ان العديد من القوى الإقليمية حاولت سابقاً تصوير كردستان كـ”منطقة عازلة” بين إيران والغرب، لكن سياسة نيجيرفان بارزاني رفضت هذا التصنيف بوضوح.
هو لم يسع إلى أن يُستخدم الإقليم كمساحة تفريغ للأزمات، بل أراد له أن يكون فاعلاً سياسياً يمتلك قراره ويؤثر في محيطه.
وعليه، كانت مواقف نيجيرفان في رئاسة الإقليم تؤكد أن:
• كردستان ليست طرفاً في أي حلف ضد إيران
• كردستان ترفض استخدام أراضيها لضرب أي طرف إقليمي
• كردستان تعتبر الاستقرار الإقليمي أولوية لا تتجزأ عن أمنها الداخلي
وكوردستان عراقية سياستها الداخلية والخارجية سياسة العراق نفسه.
هذه السياسة رفعت من مكانة الإقليم وجعلته محط ثقة لدى جميع الأطراف، بحنكة مدير الازمة نيجيرفان بارزاني، وجعلت من رئاسة الإقليم جهة موثوقة في لحظات التوتر.
عند إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لم يكتفِ نيجيرفان بارزاني بالصمت أو البيانات التقليدية ،بل خرج بموقف مباشر يدعم السلام، ويشكر الولايات المتحدة على الالتزام بالحل السلمي.
في هذا التوقيت، حملت رسالته عدة دلالات:
• دعم الدبلوماسية ، دون الانجرار خلف خطاب متحيز.
• ترسيخ صورة العراق وكردستان كطرف يراهن على “المنطق السياسي” لا “الرد العسكري”
• دعوة مباشرة غير مباشرة لجميع الأطراف إلى التراجع عن منطق التصعيد
ووسط الازمة بداية وتصعيدا ونهاية، فالسيد نيجيرفان بارزاني فهم أن التصعيد لا يبدأ فقط من الجبهات، بل من المخاوف. ولذلك اعتمد سياسة التطمين الاستباقي، خصوصاً تجاه إيران، عبر رسائل متعددة:
• رفض استخدام الإقليم لضرب إيران
• تعزيز التنسيق الأمني داخل الإقليم والعراق لضبط أي اختراق محتمل
• رفع مستوى التفاعل الدبلوماسي مع الأطراف المعنية لتأكيد موقف الإقليم الموازي لموقف العراق.
هذا النهج خفّض من احتمالية توجيه ضربات وقائية داخل كردستان، وأبقى الإقليم خارج دائرة الاستهداف المباشر.
نيجيرفان في رئاسة الإقليم لم يكتف بالخطاب المحلي، بل تحرك على مستويات مختلفة:
• لقاءات دائمة مع سفراء الولايات المتحدة، إيران، الاتحاد الأوروبي كبريطانيا.
• رسائل سياسية واضحة عبر المنابر الدولية
• تأكيد متواصل في الإعلام المحلي والعراقي والاقليمي والدولي على رفض الحرب والانحياز لأي طرف
هذا النشاط جعل كردستان بادارة نيجيرفان تظهر كصوت مستقل عاقل، يسعى إلى تهدئة الأزمات بدل إشعالها، وهو ما رفع من رصيدها الإقليمي والدولي.
ما قام به نيجيرفان بارزاني لم يكن مجرد موقف من أزمة عابرة، بل هو بناء لرؤية متكاملة تقوم على:
• تثبيت استقلال القرار السياسي العراقي والكوردي
• تحصين العراق والإقليم من النزاعات العابرة للحدود
• ترسيخ موقع العراق وكردستان كفاعل توازن في بيئة الشرق الأوسط
وقد نجح مدير الازمة نيجيرفان بارزاني، بفضل هذا الأداء، في تأمين استقرار الإقليم، ومنع عسكرة أراضيه، وفرض احترام موقفه من قبل أطراف الحرب ذاتها.
ولا يزال يعمل من اجل الحفاظ على هذا التوازن، في ظل إمكانية تجدّد النزاع، وتقلّب التفاهمات الدولية وسط فوضى المنطقة... حيث الحروب تلد اخرى.