تقرير سوق العمل الأميركي تحت المجهر وخطر إغلاق الحكومة يهدد بتأجيله
تباطؤ التوظيف يضع «الفيدرالي» أمام اختبار صعب وسط تخوف من الركود

تترقب أسواق المال الأميركية بحذر بيانات الوظائف للأسبوع المقبل، التي يجب أن تسير على «خط دقيق»، حيث يتعين عليها تأكيد تباطؤ سوق العمل لدعم خطط «الاحتياطي الفيدرالي» لخفض أسعار الفائدة مجدداً، دون أن يكون التباطؤ حاداً لدرجة إثارة مخاوف من الركود الاقتصادي المحتمل.
وتشير التوقعات إلى استمرار النمو البطيء لسوق العمل الأميركي في سبتمبر (أيلول)، مما يرسخ الفترة الضعيفة التي يمر بها قطاع التوظيف، مع ترقب بقاء معدل البطالة عند أعلى مستوى له في نحو أربع سنوات.
ويُتوقع أن يكون الاقتصاد قد أضاف 50 ألف وظيفة فقط، بناءً على متوسط مسح أجرته وكالة «بلومبرغ» للتقرير المرتقب من مكتب احصاءات العمل، وهو ما يتماشى مع متوسط النمو المسجل على مدار الأشهر الثلاثة الماضية. وفيما توقع مسح لـ«رويترز» إضافة 39 ألف وظيفة غير زراعية، أشار استطلاع آخر أجرته «ياهو فاينانس» إلى رقم أعلى عند 70 ألف وظيفة. وعلى صعيد البطالة، يُتوقع أن يبقى المعدل مستقراً عند 4.3 في المائة.
وكانت القراءة الضعيفة لشهر أغسطس (آب) قد أظهرت إضافة 22 ألف وظيفة جديدة فقط، وهو ما جاء أقل بكثير من توقعات الاقتصاديين البالغة 75 ألفاً، بينما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة.
تقرير الوظائف على طاولة «الفيدرالي» وخطر الإغلاق
تتوقف عملية إصدار تقرير الوظائف الشهري، المقرر يوم الجمعة 3 أكتوبر (تشرين الأول)، على قدرة المشرّعين في الكونغرس على التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون التمويل قبل نهاية السنة المالية يوم الثلاثاء. وفي حال فشل الاتفاق وإغلاق الحكومة الفيدرالية، سيتم تعليق إصدار جميع التقارير الاقتصادية الرئيسية.
وفي هذا السياق، قال مارك لوشيني، كبير استراتيجيي الاستثمار في «جاني مونتغمري سكوت»، إن بيانات الوظائف ستساعد في تحديد ما إذا كان سوق العمل «يشهد ببساطة فترة ضعف». وأضاف، وفقاً لـ«رويترز»: «لا أحد يتوقع رقماً قياسياً هنا. في الوقت نفسه، إذا جاءت القراءة سلبية، فسيؤكد ذلك الشكوك بأن سوق العمل ربما يتدهور بسرعة كبيرة، مما يطرح تساؤلاً واضحاً: هل نحن بالفعل على شفا ركود اقتصادي محتمل؟».
تضارب الضغوط وتوقعات خفض الفائدة
يخشى المستثمرون من أن يؤدي أي تقرير قوي غير متوقع للتوظيف إلى تباطؤ خطة «الاحتياطي الفيدرالي» لتخفيضات أسعار الفائدة، خاصة مع استمرار ارتفاع التضخم. وكان «الفيدرالي» قد رفع أسعار الفائدة بين مارس (آذار) 2022 ويوليو (تموز) 2023 للسيطرة على التضخم.
وقد أجرى مسؤولو البنك المركزي أول خفض للفائدة لعام 2025 في وقت سابق من هذا الشهر، بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى نطاق 4 في المائة إلى 4.25 في المائة، مدفوعين بمخاوف بشأن هشاشة سوق العمل. ونتيجة لذلك، يراهن المستثمرون بشكل كبير على خفض جديد لتكاليف الاقتراض في اجتماع البنك المركزي الذي يختتم في 29 أكتوبر. ومن المقرر أن يتحدث عدد من مسؤولي «الفيدرالي» البارزين، بمن فيهم فيليب جيفرسون وسوزان كولينز وأوستان غولسبي ولوري لوغان وجون ويليامز، خلال الأسبوع المقبل.
وفي السياق ذاته، صرح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول هذا الأسبوع بأن مخاطر التضخم على المدى القريب «تميل إلى الارتفاع»، مشيراً إلى «وضع صعب» يواجهه البنك المركزي في الموازنة بين التضخم المرتفع وسوق العمل الضعيف.
وتوقعت فيكتوريا سكولار، رئيسة قسم الاستثمار في «إنترأكتيف إنفستور» لـ«ياهو فاينانس»، أن يقدم تقرير سبتمبر مزيداً من التأكيد على تدهور سوق العمل، وأن يبلغ عدد الوظائف الجديدة خارج القطاع الزراعي نحو 70 ألفاً، بينما «من المرجح أن يظل معدل البطالة عند 4.3 في المائة». في المقابل، توقعت نمواً ثابتاً في متوسط الأجور بالساعة بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي، لكن مع تباطؤ بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري.
ولفتت إلى أن قراءة أغسطس الأضعف من المتوقع مهدت الطريق أمام «الاحتياطي الفيدرالي» لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، مشيرة إلى أن البنك المركزي «يوازن بين ضغوط متنافسة من التضخم المرتفع وسوق العمل الضعيف» عند اتخاذ قراراته.
رهان على خفض الفائدة ليس مضموناً
وعلى الرغم من التوقعات بخفضين إضافيين لأسعار الفائدة قبل نهاية العام، فإن سكولار حذرت من أن هذه التخفيضات «ليست مضمونة على الإطلاق»، مشيرة إلى أن تصريحات باول حول خطر خفض الفائدة «بشكل مفرط في العدوانية» تشير إلى أن السوق قد يبالغ في تسعير الخفوض هذا العام.
ومع ذلك، لفتت إلى وجود بيانات إيجابية، مثل مراجعة صعودية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، وانخفاض طلبات إعانة البطالة الأسبوعية، وهي عوامل تشير إلى توازن الضغوط على صانعي السياسة النقدية. ويراقب المستثمرون من كثب التطورات المتعلقة بالإغلاق الحكومي المحتمل وتداعياته الاقتصادية.
بالإضافة إلى تقرير الوظائف، من المتوقع أن يُظهر تقرير حكومي منفصل يوم الثلاثاء أن فرص العمل في أغسطس كانت عند أحد أدنى مستوياتها منذ عام 2021. كما يترقب المستثمرون نتائج مسوحات معهد إدارة التوريد (ISM) لقطاعي التصنيع والخدمات لشهر سبتمبر، بالإضافة إلى التطورات المتعلقة بالإغلاق الحكومي المحتمل وتداعياته الاقتصادية.
المصدر: الشرق الأوسط