عندما يستذكر نيجيرفان إبادة البارزانيين الكورد في الأنفال

خاص لموقعhiwar/ د هوشيار مظفر علي امين:تمر اثنتان وأربعون سنة على جريمة الأنفال. وانفلة البارزانيين واختفاء الاف منهم ، وسط ذكريات حلبجة والانفال الكبرى، وفي كل عام يقف نيجيرفان بارزاني أمام هذه الذاكرة. يكرر كلمات قليلة لكنها تختصر المأساة.

يوليو 31, 2025 - 15:47
عندما يستذكر نيجيرفان إبادة البارزانيين الكورد في الأنفال

فهو يقول بحزن:

“تمر اليوم اثنتان وأربعون سنة على جريمة الأنفال البشعة التي طالت ثمانية آلاف مواطن مدني بريء من البارزانيين. في هذه المناسبة الحزينة ننحني لأرواحهم الطاهرة ونستذكرهم بمنتهى الإكرام والوفاء”

هذه الجملة وحدها تكشف أن الذاكرة عنده ليست حدثا سياسيا. هي واجب شخصي. يستعيد بها صورة رجال ونساء وأطفال اقتيدوا بلا ذنب. يرى أن استذكارهم فعل مقاومة.

ويورد:

“حملة الأنفال التي استهدفت البارزانيين، والتي نفذها النظام العراقي آنذاك، كانت استمراراً لسلسلة جرائم تهدف لكسر إرادة شعب كوردستان وإبادته، لكنها فشلت في مواجهة صمود الكوردستانيين وإصرارهم، وباتت وصمة سوداء تلطخ جباه مرتكبيها”

هذا النص يعبر عن فهمه للتاريخ. لا يراها حادثة معزولة. يراها حلقة في مشروع سياسي أراد محو شعب كامل. يصر على أن هذا المشروع لم ينجح. فشل لأن المجتمع الكردي بقي. بقيت اللغة والعائلة والإصرار على الوجود.

ثم يقول في بيانه:

“بعد تلك الفاجعة، عاشت أمهات وأخوات وعائلات البارزانيين حياة مأساوية قاسية منقطعة النظير، واضطروا لمواجهة حياة الفقر والفاقة الصعبة والقاسية. أقبل أيادي الأمهات اللائي أنشأن وربين أولادهن بالحب والإخلاص للشعب والوطن”

هذا المقطع ينقل المأساة من مستوى الأرقام إلى مستوى الأفراد. هنا يقف عند دور النساء بعد المجزرة. يتحدث عن البقاء بعد الإبادة. عن حياة امتدت وسط فقر وقسوة وغياب المعيل. وعن قدرة النساء على حماية معنى الانتماء.

ويقول:

“في هذه الذكرى، نجدد تأكيدنا على حقوق جميع ضحايا أنفال البارزانيين وحملات الأنفال وجميع ضحايا النظام السابق. إن من واجب الحكومة العراقية أن تبذل كل ما يلزم لتحقيق العدالة وتعويض ذوي الضحايا”

هنا ينتقل من التذكير إلى المطالبة. العدالة بالنسبة له ليست شعورا. هي التزام قانوني. يصر أن الدولة العراقية تتحمل هذا الالتزام. التعويض ليس منة. هو استحقاق.

ويضيف:

“ليكن الماضي وآلامه ومرارته عبراً ودروساً وحوافز تجعل من جميع مكونات العراق تعيش في ظل قبول الآخر واحترام المقابل والتسامح، بسلام وحرية وكرامة، ويكون البلد جامعاً للكل بدون تمييز”

بهذا المقطع يوضح غايته. الذاكرة ليست للانتقام. بل درس لتجنب التكرار. يريد أن تتحول الإبادة إلى سبب لوحدة داخل العراق لا سبب للانقسام.

عندما نقف عند هذا الخطاب يمكن تلخيص رؤيته لملف الأنفال في نقاط واضحة

1. يرى أن جريمة الأنفال  ضد البارزانيين خصوصا والكورد عموما فعلمقصود هدفه محو شعب وعشيرة.

2. يعتبر أن فشل هذا الفعل يثبت أن المجتمع الكردي أقوى من أدواتالقمع.

3. يحمّل الحكومة العراقية واجب العدالة والتعويض.

4. يربط بين استذكار الماضي وبناء حاضر قائم على احترام الآخر.

قراءة هذا الخطاب تفتح بابا لفهم نظرته للتاريخ

لا يتعامل مع الأنفال وانفلة البارزانيين كصفحة من الماضي انتهت. يراها جرحا مفتوحا حتى الآن.

يصر أن الاعتراف لا يكتمل بلا تعويض وبلا عدالة قضائية واضحة.

يريد تحويل الذكرى إلى أداة للعيش المشترك لا إلى سبب للقطيعة.

كلامه يعيدنا إلى سؤال مهم لا يسأله الا رجل بوزن نيجيرفان:

ماهو التاريخ  وسط شر الابادة؟

ماهي فلسفة تاريخ ابادة البارزانيين بالالاف من النظام الدكتاتوري؟

هذه الأسئلة تبقى عالقة. لكنه يكررها كل عام كي لا يُدفن الماضي في الصمت.

ومن يجيب عليها هو نيجيرفان بارزاني.

::::

::::